الأحد، 5 أكتوبر 2014

العراقيون يُحيون ذِكرى إستشهاد إبن بنت نبيهم (ص)


العراقيون يُحيون ذِكرى إستشهاد إبن بنت نبيهم (ص)

قال تعالى:

بسم الله الرحمن الرحيم

(فَمنْ حاجَّكَ فيهِ مِن بَعدِ ما جَاءَكَ مِنَ العِلمِ فَقُلْ تعالَوّا ندعُ ابِناءَنا وأبنَاءَكمْ ونِسَاءَنا ونِساَءَكَمْ وانفُسَنَاَ وانفُسَكُمْ ثُمَ نَبتَهِلْ فَنَجعَل لَّعنَةَ اللهِ عَلىَ الكاذِبِينَ.)

 صدق الله العلي العظيم

 سورة عمران / الآية 61

 

فارس حامد عبد الكريم

تشهد مدينة كربلاء العراقية المقدسة كل عام وفي العاشر من شهر محرم الحرام، اجتماع ملايين المسلمين لاحياء ذكرى استشهاد الإمام الحسين بن علي حفيد الرسول  محمد بن عبد الله وابن بنته البتول فاطمة الزهراء ، على جده وآله أفضل الصلاة والسلام .

والحسين عليه السلام يقع في الترتيب الخامس من الدوحة المحمدية الطاهرة بعد الرسول صلى الله عليه وسلم ، فهو خامس أصحاب الكساء وسيد شهداء أهل الجنة ، كان جده الرسول الأكرم يناديه بريحانتي ، وكان أوصى ، حسب المعتقدين بإمامته، ان يتولى خلافته على الدولة الإسلامية بعده وبعد أبيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وأخيه الحسن عليهم السلام.

فالسلام عليك يا أبا عبد الله الحسين يوم ولدت ويوم مت ويوم تبعث في الناس حياً ، والسلام على العترة الطاهرة التي أنجبتك وعلى من احبك ووالاك واقر بفضلك إلى يوم الدين.  

نسب الحسين بن علي عليه السلام

الحسين بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب الهاشمي، جده خاتم الأنبياء والرسل محمد بن عبد الله صلى الله عليه آله وسلم ، جدته أم المؤمنين خديجة الكبرى، أمه سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء بنت رسول الله.

ولا نجد في البلاغة وحسن الخبر في ذكر نسب الحسين بن علي ابلغ من قول جده في نسبه عليهم جميعاً افصل الصلاة والسلام:

سأل ربيعة السعدي حذيفة بن اليمان عن التفضيل فقال له: على الخبير سَقَطْتَ ، أما إنّي لا أحدّثك إلاّ بما سمعتْهُ أُذنايَ ووعاهُ قلبي وأبصرتْه عيناي : خرج علينا رسولُ الله صلّى الله عليه واَله وسلّم - كأنّي أنظر إليه كما أنظر إليك الساعة - حاملَ الحسين بن عليّ على عاتقه - كأني أنظر إلى كفّه الطيّبة واضِعَها على قدمه يُلصقها بصدره - فقال : يا أيّها الناسُ ، لأعرفنّ ما اختلفتم  بعدي . هذا الحسينُ بن عليّ : خير الناس جدّاً ، وخير الناس جدّةً : جدّه مُحمّدٌ رسول الله ، سيّد النبيّين . وجدّته خَديجة بنت خويلد ، سابقة نساء العالمين إلى الإيمان بالله ورسوله . هذا الحسينُ بن عليّ : خير الناس أباً ، وخير الناس أُمّاً :

أبوه: عليّ بن أبي طالب، أخو رسول الله صلّى الله عليه واَله وسلّم ووزيرُه، وابن عمّه، وسابق رجال العالمين إلى الإيمان بالله ورسوله. وأُمّه فاطمة بنت محمّد، سيّدة نساء العالمين.

هذا الحسينُ بن عليّ : خيرُ الناس عماً ، وخير الناس عمةً : عمه جعفر بن أبي طالب ، المزيَن بالجناحين يطيرُ بهما في الجنة حيثُ يشاء . وعمّته أُم هانى بنت أبي طالب .

هذا الحسين بن عليّ : خير الناس خالاً ، وخير الناس خالةً :

خالُهُ القاسمُ بن محمّد رسول الله . وخالته زينب بنت محمد رسول الله.

( ولدت السيدة زينب قبل البعثة النبوية بعشر سنوات. وهي حسب الروايات الشيعية ربيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم من زوجته خديجة الكبرى )

ثمَ وضعه عن عاتقه، فدرج بين يديه، وحَبا.

ثم قال : يا أيّها الناس : هذا الحسين بن عليّ : جدّه وجدّته في الجنّة ، وأبوه وأُمّهُ في الجنّة ، وعمّه وعمّتهُ في الجنّة ، وخاله وخالته في الجنّة ، وهو وأخوه في الجنّة . إنّه لم يُؤْتَ أحدٌ من ذرّيّة النبيّين ما أُوتي الحسين بن عليّ ما خلا يوسف بن يعقوب.

فضل أبيه علي بن أبي طالب عليه السلام

على بن أبي طالب عليه السلام أمير المؤمنين رابع الخلفاء الراشدين، أول الذكور إسلاما، بطل الأبطال وأشجع الشجعان وصنديد العرب الأول وسيدهم. أما بعد فهو زوج البتول بنت الرسول فاطمة الزهراء من خديجة الكبرى، قاسم ظهر الكفار بسيفه البتار ذو الفقار.

 تربى علي عليه السلام في بيت النبوة، وأسلم قبل الهجرة النبوية، وهو أول من آمن بمحمد صلى الله عليه وسلم من الذكور. هاجر إلى المدينة المنورة وتزوج بفاطمة الزهراء بنت محمد على أبيها وعليها أفضل السلام.

 فدى الرسول صلى الله عليه وسلم بنفسه يوم الهجرة فكان أول فدائي في التاريخ الإسلامي، داحي باب خيبر ومشتت اليهود ، ما سجد لصنم قط ومحطم الأصنام يوم فتح مكة، ابن عم الرسول وأخيه، أبيه وأب الرسول من أم واحدة. حتى قال عنه رسول الله سيد البشر صلى الله عليه وسلم ( لا فتى إلا علي ولا سيف إلا ذو الفقار ).

فضل امه فاطمة الزهراء عليها السلام

فاطمة الزهراء وديعة النبي (ص) عند امته وقرة عينه وريحانته المباركة وبضعة منه:

 يقول العلامة الإربلي إن فاطمة الزهراء (عليها السلام) هي سليلة النبوة ورضيعة درّ الكرم والاُبوة، ودرّة صدف الفخار، وغرّة شمس النهار...  قُرّة عين أبيها، وقرار قلب أُمِّها، الحالية بجواهر عُلاها، العاطلة من زخرف دنياها، أمة الله وسيدة النساء... وريحانة النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم من بين أهله، فما يجاريها في مَفْخر إلا مغلّب، ولا يباريها في مجد إلا مؤنّب، ولا يجحد حقّها إلا مأفون، ولا يصرف عنها وجه إخلاصه إلا مغبون.

 أمها خديجة بنت خويلد، ولدت يوم الجمعة في العشرين من جمادى الآخرة في السنة الخامسة بعد البعثة النبوية وبعد واقعة  الإسراء والمعراج بثلاث سنين،على خلاف في الرأي بشان سنة ولادتها.

شهدت الزهراء فاطمة (ع) منذ طفولتها أحداثًا جسامًا كثيرة، فقد كان النبي(ص) يعاني اضطهاد قريش وخاصة من أذى عمه أبي لهب وامرأته أم جميل ، فضلاً عن المعاناة بسبب حصار قريش الذي حوصر فيه المسلمون مع بني هاشم في شعب أبى طالب، وأقاموا على ذلك ثلاثة سنوات وكانت فاطمة (ع) تعينه وتسانده وتؤازره وتهون عليه.

فلم يكن المشركون يتركون طعاما يدخل مكة ولا بيعا إلا واشتروه، حتى أصاب التعب بني هاشم والمسلمين وآل بيت النبوة، وكان لا يصل إليهم شيئا من الطعام إلا خفية.

وقد أثر الحصار والجوع على صحة فاطمة (ع) فضلاً عن وفاة امها خديجة الكبرى فبقيت طوال حياتها تعاني من ذلك، ولكن ذلك لم يزدها إلا إيمانا وصلابة.

وهكذا وجدت الزهراء نفسها ، وهي لم تزل صبية ، أمام مسؤولية بيت أبيها النبي الكريم (ص) ، وهو في اشد أوقات الدعوة تعرضاً للقسوة والألم  بعد وفاة زوجته خديجة الكبرى وعمه أبى طالب فوقفت الزهراء (ع)  إلى جانب أبيها فأزاحت عنه مشاعر الهم والغم ، لذلك كانت تكنى بأم أبيها.

ولادة سيد شباب اهل الجنة

ولد الحسين عليه السلام في المدينة المنورة في دار أبيه وأمه ، علي بن ابي طالب وفاطمة الزهراء عليهما السلام ، المجاور لدار جده رسول الله صلى الله عليه وسلم والواقع وسط المسجد النبويّ الشريف ثاني الحرمين الشريفين .

ويذهب العديد من الباحثين الى ان ولادة الحسين عليه السلام كانت  في سنة أربع من الهجرة النبوية الشريفة. بينما يذهب آخرون وخاصة من علماء الشيعة إلى ان ولادته كانت سنة  ثلاث  من الهجرة. في شهر شعبان.

وكان الحسين عليه شبيه الرسول صلى الله عليه وسلم وكان الإمام عليّ عليه السلام يُعلنُ عن ذلك الشَبَه ويقول: من سره أنْ ينظر إلى أشبه الناس برسول الله صلّى الله عليه واَله وسلّم ما بين عنقه وثغره ، فلينظر إلى الحسن . ومن سرّه أنْ ينظر إلى أشبه الناس برسول الله صلّى الله عليه واَله وسلّم ما بين عنقه إلى كعبه خَلقاً ولوناً ، فلينظر إلى الحسين بن عليّ .

الحسين من اصحاب الكساء

قال تعالى في سورة عمران ( الاية 61 ):(فَمنْ حاجَّكَ فيهِ مِن بَعدِ ما جَاءَكَ مِنَ العِلمِ فَقُلْ تعالَوّا ندعُ ابِناءَنا وأبنَاءَكمْ ونِسَاءَنا ونِساَءَكَمْ وانفُسَنَاَ وانفُسَكُمْ ثُمَ نَبتَهِلْ فَنَجعَل لَّعنَةَ اللهِ عَلىَ الكاذِبِينَ.) واجمع المفسرون على نزول هذه الآية في اصحاب الكساء محمد ، علي، فاطمة، الحسن والحسين عليهم افضل الصلاة والسلام.

حياته عليه السلام

يذهب اغلب المؤرخون الى ان عمره الشريف عند استشهاده كان ستّ وخمسون عاماً وتسعة أشهر وعشرة أيّام.

الحوادث السابقة لشهادته عليه السلام:

طلب يزيد مبايعة الحسين عليه السلام

كتب يزيد بن معاوية إلى الوليد بن عتبة: أما بعد، فخذ الحسين بن علي وعبد الرحمن بن أبي بكر وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن عمر بن الخطاب أخذاً عنيفاً ليست فيه رخصة، فمن أبى عليك منهم فاضرب عنقه، وابعث إليَّ برأسه.

فلما عُرض على الحسين عليه السلام البيعة ليزيد رفض  قائلاً: إنّا أهل بيت النبوة وموضع الرسالة ومـختلف الملائكة، ويزيد رجل فاسق فاجر قاتل النفس المحترمة، ومثلي لا يبايع مثله.

الحوادث اللاحقة لشهادته عليه السلام

خلع اهل المدينة ليزيد وواقعة الحرة

 خلع  اهل المدينة يزيد من الخلافة سنة 63 للهجرة ، فأخرجوا عامله عثمان بن محمد بن أبي سفيان وولوا على قريش عبد الله بن مطيع وعلى الأنصار عبد الله بن حنظلة ، وذكر أبو إسحاق الاسفرايني سبب ذلك بقوله ( وأما ما كان من أمر يزيد بن معاوية، فإنه أقام بدمشق خليفة مكان أبيه، وأطاعه جميع العربان...،  وطغى وتجبّر وعمّ ظلمه سائر الأماكن والبلاد، وصار يقتل الأنفس، وينهب الأموال، ويسلبها، وظهر منه الجور والظلم في سائر الأفعال، وقد كان ابن زياد أظلم وأطغى من يزيد، فنزل البصرة بعسكره، وأقام بالكوفة نائباً، يحكم من تحت أمره، وأقام هو بالبصرة بالظلم والجور، وقتل النفس، ونهب الأموال، وقتل جميع الرجال والأبطال، وعم ظلمه سائر العباد.)

على أثر الأخبار التي وردت إلى المدينة المنوّرة ، والتي تتحدّث عن استهانة يزيد بالإسلام والمسلمين ، ذهب وفد من أهل المدينة برئاسة عبد الله بن حنظلة الأنصاري الى الشام وقابلوا يزيد ورأوا بأعينهم ما يقوم به من تهتُك وانتهاك لحرمة الإسلام .

عاد الوفد إلى المدينة المنوّرة ، ونقلوا لأهلها ما شهدوه في الشام ، وأخذوا يحثّون الناس على الثورة والتمرّد ، فوقف رئيسهم عبد الله بن حنظلة أمام أهل المدينة وخاطبهم : والله ما خرجنا على يزيد حتّى خفنا أن نُرمى بالحجارة من السماء ، إنّه رجل ينكح أمّهات الأولاد ، والبنات والأخوات ، ويشرب الخمر ، ويدع الصلاة .

اجتمع الثوّار وقرّروا محاصرة والي المدينة الأموي ، وكذلك دور آل أمية الذين استنجدوا بالإمام زين العابدين عليه السلام ، ووضعوا نساءهم وأطفالهم في بيته لحمايتهم من الأذى ، ففتح الإمام لهم بيته وآواهم .

واقعة الحرة

وصلت أخبار الثورة إلى مسامع يزيد، فأرسل  مسلم بن عقبة لإخماد الثورة وصل الجيش إلى المدينة المنوّرة في الثالث عشر من المحرم سنة 63 هـ ، وكان ذلك بعد استشهاد الإمام الحسين عليه السلام بسنتين .

ودار قتال عنيف بين الثوّار المدافعين عن الإسلام ، وبين الجيش الأموي ، استشهد خلاله أغلب المدافعين ، بمن فيهم القائد عبد الله بن حنظلة ، وطبقاً لأوامر يزيد أمر مسلم بن عقبة جنوده باستباحة المدينة المنوّرة ، فهجموا على بيوت الناس الآمنين ، وقاموا بقتل الأطفال والنساء والشيوخ ، وقدرت الضحايا بأكثر من عشرة آلاف مسلم. وافْتُضَّ جند يزيد فيها بكارة ألف عذراء من بنات الصحابة والتابعين . فقد استباحوا الفروج ، فوقعوا على نساء الصحابة والتابعين وحملت منهن ثمانمائة حرة وولدن وكان يقال لأولئك الأولاد أولاد الحرة.

وكان رسول الله (ص) قد قال: ( مَن أخاف أهل المدينة أخافه الله، وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ).

ثمّ نُصب مجلساً لمسلم بن عقبة وعرض الأسرى أمامه فطلب منهم مبايعة يزيد بصيغة ( إنّني عبد مملوك ليزيد بن معاوية ، يتحكّم فيّ وفي مالي وفي أهلي ما يشاء ). وقتل كل من امتنع عن المبايعة.

كما ضربت الكعبة الشريفة بالمنجنيق وتوالت الحجارة عليها حتى تهدمت.

 شهادته عليه السلام

قتلته الفئة الباغية في العاشر من شهر محرم سنة إحدى وستّين للهجرة،  وعرف يوم استشهاده بيوم عاشوراء. وكانت حجة قتله انه خرج على إمام زمانه يزيد بن معاوية.

 والحال ان يزيد لم يكن اماماً لزمانه لانه لم يتولاها وفقاً للشرعية الإسلامية ، وانما ورثها من أبيه ظلماً وعدواناً ، لان نظام الوراثة لم يقل به الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يعمل به الصحابة الكرام من بعده من الخلفاء الراشدين. فضلاً عن ان يزيد انتهك المحرمات وقصف جنده بأمره الكعبة المقدسة بالمنجنيق وهدمها وانتهك جنده اعراض الناس ، ومثل الحسين لا يسكت عن هذا لان ، حاشاه ، الساكت عن الحق شيطان اخرس ، وكان الخليفة الراشد عمر بن الخطاب ( رض ) قد أيد تقويم الخليفة الخارج عن دين الله وسنة نبيه بالسيوف.

  فقد كان عمر (رض) يقول في خطبه : إن أحسنت فأعينوني وإن أخطأت فقوموني.

 فقام له رجل وقال له: سنقومك بسيوفنا هذه يا عمر، فقال له عمر: الحمد لله الذي جعل في أمة عمر من يقوم اعوجاجه بالسيف.

وكان مكان شهادته في ارض كربلاء وبالضبط جنبَ الفُرات المارّ بمدينة كربلاء المقدّسة ، والتي تسمّى الغاضرية ، والحائر ، قريباً من الكوفة في أرض العراق .

واقعة الطف

خرج الإمام الحسين من المدينة قاصداً مكّة؛ فكاتبه أهل العراق يطلبون منه التوجّه اليهم ليبايعونه بالخلافة، حتى بلغ عددها نحو إثنا عشر ألف كتاب ومما جاء في كتبهم ، أنه أولى بالخلافة من غيره، فإنه ابن رسول الله وسبطه، والمنصوص عليه بالإمامة من جدّه رسول الله صلّى الله عليه وآله لقوله: (الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا). أي سواء قاما بأعباء الخلافة أو غُصبتْ عنهما.

ومما جاء فيها : ( ... قد أينعتِ الثمار واخضرّ الجناب، وإنما تقدم على جندٍ لك مجنّدة، إن لك في الكوفة مائة ألف سيف، إذا لم تقدم إلينا فإنا نخاصمك غداً بين يدي الله.)

وعلى اثر ذلك أرسل الحسين عليه السلام ابن عمّه مسلم بن عقيل إلى الكوفة، فألتف الناس حوله وبايعه نحو ثمانية عشر ألفاً أو أربعة وعشرون ألفاً.

وعندها كتب مسلم إلى الحسين يخبره ببيعة الناس وطلب منه التعجيل بالقدوم الى العراق .

 وصل الخبر الى علم يزيد فأمر عبيد الله بن زياد بالتوجه الى  الكوفة فاستدعى عند وصوله رؤساء القبائل وهددهم وتوعدهم بالقتل والتعذيب ان استجابوا للحسين ووعدهم بالمال والطعام والجاه ان خذلوا الحسين، فدب الخوف في نفوسهم وأخذوا يتفرّقون عن مسلم الى ان بقى  وحيداً.

وعندها خرج مسلم ليلاً طالباً من اقرب الناس اليه حمايته فلم يجد سوى امرأة أضافته وخبأته في تنور لها الا ان قريب للعجوز وشى به فطوّق الجيش الدار التي كان فيها، فخرج مسلم وقاتلهم  بشجاعة منقطعة النظير واصاب منهم مقتلة عظيمة، الا انهم تمكنوا منه في النهاية وقبضوا عليه  وضربوا عنقه، وربط بالحبال من قدمه وسحل في الأسواق.

 خروج الحسين عليه السلام من مكة 

في يوم الثامن من ذي الحجة خرج الحسين من مكة قاصداً الكوفة في العراق ، وحاول جمع من المحبين ثنيه عن مقصده ومنهم حبر الامة عبد الله بن العباس (رض)  فقال له الحسين في حديث له: ( أتاني جدّي في المنام وقال: يا حسين أخرج إلى العراق فإن الله شاء أن يراك قتيلا.)

وفي أثناء مسيرته واجهته سرية من الجيش من نحو ألف فارس بقيادة الحر بن يزيد الرياحي، وأرادوا إلقاء القبض عليه وتسليمه الى  ابن زياد، إلا أنهم لم يتمكنوا منه فسلك الحسين طريقاً أوصله ارض كربلاء.

وفي نفس الوقت كتب الحر إلى ابن زياد يعلمه بنزول الحسين عليه السلام بأرض كربلاء: فانظر ما ترى في أمره. فكتب عبيد الله بن زياد كتاباً إلى الحسين عليه السلام يقول فيه: أما بعد، إنّ يزيد بن معاوية كتب إليَّ أن لا تغمض جفنك من المنام، ولا تشبع بطنك من الطعام أو يرجع الحسين على حكمي، أو تقتله والسلام.

وخطب ابن زياد اهل الكوفة قائلاً: من يأتيني براس الحسين فله الجائزة العظمى، وأعطه ولاية ملك الرّي عشر سنوات.

 فقام عمر بن سعد بن أبي وقاص وأجابه قائلاً: أنا.

فعقد له ابن زياد رايةً تتكون من  أربعة آلاف رجل.

وكانت راية عمر بن سعد أولُ راية سارتْ نحو كربلاء ، وتبعتها رايات أخرى فاكتمل العدد في اليوم التاسع من المحرم وتقدر الروايات عدد المقاتلين بين ثلاثين ألف الى خمسين ألف مقاتل.

واعتباراً من اليوم السابع من محرم حال الجيش بين الحسين وأهل بيته وبين ماء الفرات ، ولما كان اليوم التاسع اشتدّ بهم العطش ، في رواية لسكينة بنت الحسين عليها السلام  ( عزّ ماؤنا ليلة التاسع من المحرّم فجفّت الأواني ويبست الشفاه حتى صرنا نتوقّع الجرعة من الماء فلم نجدها ... )

 وفي مساء ذلك اليوم وصل شمر بن ذي الجوشن في ستة آلاف مقاتل، ومعه كتاب من ابن زياد إلى ابن سعد، ومما قال فيه:( ... فإن نزل الحسين وأصحابه على حكمي واستسلموا فابعث بهم إليّ سلما، وإن أبوا فازحف إليهم حتى تقتلهم، فإن قتلت حسيناً فأوطئ الخيل صدره وظهره...)

فزحف الجيش نحو معسكر الحسين ، وكان الحسين جالساً أمام خيمته، فنادته اخته زينب الكبرى عليها السلام وقالت: يا أخي أما تسمع هذه الأصوات قد اقتربت؟

فاجابها الحسين : أخيّة ، أتى رسول الله الساعة في المنام وابلغني  إنك تروح إلينا.

فلطمت زينب الكبرى وصاحت: واويلاه.

 فقال لها الحسين: ليس الويل لك يا أخيّة، ولا تُشمتي القوم بنا، اسكتي رحمك الله. .

وبطلب من الحسين مضى العباس عليهما السلام إلى القوم وسألهم المهلة، فأبوا أن يمهلوهم.
وعندها قام الحسين وخطب في اصحابه قائلاً:

( أما بعد ، فإني لا أعلم أصحاباً أوفى ولا خيراً من أصحابي ولا أهل بيتٍ أبرّ ولا أوصل ولا أفضل من أهل بيتي، فجزاكم الله جميعاً عنّي خيراً، فلقد بررتم وعاونتم، ألا: وإني لا أظن يوماً لنا من هؤلاء الأعداء إلا غداً، ألا وإني قد أذنت لكم فانطلقوا جميعاً في حلٍّ من بيعتي ليس عليكم مني حرج ولا ذمام، وهذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملاً، وليأخذ كلّ رجل منكم بيد رجل من أهل بيتي، وتفرّقوا في سواد هذا الليل، وذروني وهؤلاء القوم، فإنهم لا يريدون غيري.)

فأجابه اخوته وأبناؤه وأبناء عبد الله بن جعفر:و لِمَ نفعل ذلك؟ لنبقى بعدك؟ لا أرانا الله ذلك أبدا، وماذا نقول للناس اذا رجعنا ، إنا تركنا شيخنا وكبيرنا وابن بنت نبيّنا لم نرم معه بسهم، ولم نطعن معه برمح، ولم نضرب معه بسيف لا والله يابن رسول الله لا نفارقك أبداً، ولكن نقيك بأنفسنا حتى نقتل بين يديك ونرد موردك، فقبّح الله العيش بعدك.

ثم قام مسلم بن عوسجة وقال: نحن نخلّيك هكذا وننصرف عنك وقد أحاط بك هذا العدو؟ لا والله لا يراني الله وأنا أفعل ذلك حتى أكسر في صدورهم رمحي، وأضاربهم بسيفي ما ثبت قائمه بيدي ولو لم يكن لي سلاح أقاتلهم به لقذفتهم بالحجارة، ولا أفارقك حتى أموت معك.

وقام سعد بن عبد الله الحنفي ثم قام زهير بن القين وقام الأصحاب وتكلّموا بما تكلم من سبقهم رافضين فكرة خذلان الحسين وتركه رفضاً قاطعاً .

، فلما رأى الحسين ذلك منهم قال لهم: إن كنتم كذلك فارفعوا رؤوسكم وانظروا إلى منازلكم.

وبقدرة الله تعالى تكشف لهم الغطاء ورأوا منازلهم في الجنة.

ثم التفت اليه الحسين قائلاً: يا قوم إني غداً أقتل وتقتلون كلكم معي، ولا يبقى منكم واحد.

فقالوا: الحمد لله الذي أكرمنا بنصرك، وشرّفنا بالقتل معك، أو لا ترضى أن نكون في درجتك يابن رسول الله؟

فقال: جزاكم الله خيراً.

ثم قال الحسين: ألا ومن كان في رَحْلهِ امرأة فلينصرف بها إلى بني أسد.

فقام علي بن مظاهر وسأل: لماذا يا سيدي؟

فقال: إنّ نسائي تُسبى بعد قتلي، وأخاف على نسائكم من السبي.

 فمضى علي بن مظاهر إلى خيمته واخبر زوجته الاسدية بما قاله الحسين (ألا ومن كان في رحله امرأة فليذهب بها إلى بني أسد، لأني غداً اقتل ونسائي تسبى.)

فقالت: وما أنت صانع؟

قال: قومي حتى ألحقك ببني عمّك.

 فغضبت وقامت ونطحت رأسها بعمود الخيمة وقالت: والله ما أنصفتني يابن مظاهر أيسرّك أن تسبى بنات رسول الله وأنا آمنة من السبي ؟ أيسرّك أن يبيّض وجهك عند رسول الله ويسوّد وجهي عند فاطمة الزهراء؟ والله أنتم تواسون الرجال ونحن نواسي النساء.

 فرجع علي بن مظاهر إلى الحسين وهو يبكي.

 فقال الحسين: ما يبكيك؟ قال: يا سيدي أبتِ الأسدية إلا مواساتكم، فبكى الحسين وقال: جُزيتم منّا خيراً. 

فلمّا أصبح الصباح من يوم عاشوراء نادى الحسين أصحابه وأمرهم بالصلاة، فتيمّموا بدلاً عن الوضوء وصلّى بأصحابه صلاة الصبح ثم قال بعد الدعاء لأصحابه: إن الله قد أذن في قتلكم وقتلي، وكلّكم تقتلون في هذا اليوم إلا ولدي علي بن الحسين فاتقوا الله واصبروا.

وفي الصباح خرج عمر بن سعد بجيشه، وركب الحسين فرس رسول الله (ص) ،وكان معه اثنان وثلاثون فارساً، وأربعون راجلاً، فأعطى رايته أخاه العباس وجعل زهير بن القين في الميمنة، وحبيب بن مظاهر في المسيرة ، وأشعلوا النار في خندق خلف الخيام  خشية أن يأتيهم العدو من ورائهم.

فنادى شمر حسيناً قائلاً: يا حسين أتعجّلت النار قبل يوم القيامة؟

فقال الحسين: من هذا، كأنه شمر؟

فقالوا: نعم.

فقال: يابن راعية المعزى أنت أولى بها صليّا.

 وأراد مسلم بن عوسجة أن يرميه بسهم فمنعه الحسين، وقال له: أكره أن أبدأهم بالقتال.

ثم تقدّم الحسين نحو القوم في نفر من أصحابه وخطب في الناس و حمد الله وأثنى عليه ، وصلى على النبي وآله وعلى الملائكة والأنبياء ثم خطب فيهم ومما جاء في خطبته: أما بعد ،  يا أهل الكوفة فانسبوني فانظروا من أنا، ثم راجعوا أنفسكم فعاتبوها فانظروا هل يصلح لكم قتلي وانتهاك حرمتي؟

الستُ ابن بنت نبيّكم وابن وصيّه وابن عمّه وأول مصدّق لرسول الله (ص) بما جاء به من عند ربّه؟ أو ليس حمزة سيد الشهداء عمّ أبي؟ أو ليس جعفر الطيّار في الجنة بجناحين عمّي؟

أو لم يبلغكم ما قال رسول الله لي ولأخي: هذان سيدا شباب أهل الجنة.

فإن صدّقتموني بما أقول وهو الحق، والله ما تعمّدتُ كذبً منذ علمتُ أن الله يمقت عليه أهله، وإن كذّبتموني فإن فيكم من إن سألتموه عن ذلك أخبركم، سلوا جابر بن عبد الله الأنصاري، وأبا سعيد الخدري، وسهل بن سعد الساعدي؛ وزيد بن أرقم؛ وأنس بن مالك يخبروكم أنهم سمعوا هذه المقالة من رسول الله لي ولأخي... أما في هذا حاجز لكم عن سفك دمي؟ يا قوم فإن كنتم في شكٍ من ذلك، أفتشكّون أني ابن بنت نبيّكم فوالله ما بين المشرق والمغرب ابن بنت نبي غيري فيكم ولا في غيركم، ويحكم! أتطالبوني بقتيل منكم قتله أو مالٍ استملكته، أو بقصاص من جراح؟

فأخذوا لا يكلّمونه، ونادى بأعلى صوته فقال: أنشدكم الله هل تعرفونني؟

فأجابوه بما ذكر من فضل ونسب.

فقال: فبم تستحلّون دمي وأبي الذائدُ عن الحوض يذود عنه رجالاً كما يذاد البعير الصادر عن الماء، ولواءُ الحمد في يد أبي يوم القيامة؟!

فقالوا: قد علمنا ذلك كلّه ونحن غير تاركيك حتى تذوق الموت عطشانا.

فاقتتلوا ساعة من النهار وإذا بخمسين من أصحاب الحسين شهداء، فعند ذلك ضرب الحسين بيده على لحيته الكريمة وقال: (اشتدّ غضبُ الله على اليهود إذ جعلوا له ولدا، واشتدّ غضبه على النصارى إذ جعلوه ثالث ثلاثة، واشتدّ غضبه على المجوس إذ عبدوا الشمس والقمر، واشتدّ غضبه على قوم اتّفقت كلمتهم على قتل ابن بنت نبيهم، أما والله لا أجيبهم إلى شيء ممّا يريدون حتى ألقى الله وأن مخضّب بدمي).

ثم جعل أصحاب الحسين يبرزون واحداً بعد واحد، وكل من أراد منهم الخروج ودّع الحسين وقال السلام عليك يا أبا عبد الله. فيجيبه الحسين: وعليك السلام ونحن خلفك، ثم يتلو: (فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً).

ولا يبرز منهم رجلٌ حتى يقتل خلقاً كثيراً من جيش ابن زياد، فضيّقوا المجال على الأعداء حتى وصفهم احدهم قائلاً: ثارت علينا عصابةُ أيديها على مقابض سيوفها، كالأسود الضارية تحطّم الفرسان يميناً وشمالاً، وتلقي أنفسها على الموت، لا تقبل الأمان، ولا ترغب في المال، ولا يحول حائل بينها بين الورود على حياض المنية، والاستيلاء على الملك، فلو كففنا عنها رويداً لأتت على نفوس العسكر بحذافيرها).

انضمام الحر الرياحي الى معسكر الحسين عليه السلام

أقبل الحرّ بن يزيد الرياحي بعد جدل مع  عمر بن سعد الى معسكر الحسين قاصداً الحسين ويده على رأسه وهو يقول: اللهم إليك أنبتُ فتُبْ عليّ، فقد أرعبتُ قلوب أوليائك وأولاد بنت نبيّك، فلما دنى من الحسين قال له: من أنت؟ قال: جعلني الله فداك أنا صاحبك الذي حبستك عن الرجوع وسايرتك في الطريق وجعجعتُ بك في هذا المكان، وما ظننت أن القوم يردون عليك ما عرضته عليهم ولا يبلغون بك هذه المنزلة، وأنا تائب إلى الله مما صنعت، فترى لي من ذلك توبة؟ فاجابه بنعم ثم انه استأذن قائلاً: يابن رسول الله كنت أول خارجٍ عليك، فأذن لي لأكون أول قتيلٍ بين يديك، وأول من يصافح جدك غداً، فأذن له الحسين فبرز وحمل عليهم وقتل منهم نيفاً وأربعين رجلاً حتى اجتمعت عليه عصابة وصرعته، فوقف عليه الحسين ومسح الدم والتراب عن وجهه وهو يقول: بخٍ بخٍ يا حر، أنت الحر كما سمتك أمك، وقضى نحبه شهيداً.

وبرز برير بن خضير الهمداني بعد الحر وقاتل قتالاً شديداً حتى استشهد رحمة الله عليه ، ثم برز مسلم بن عوسجة وجعل يقاتلهم قتالاً شديداً، وبالغ في قتال الأعداء حتى سقط صريعاً فمشى إليه الحسين ومعه حبيب بن مظاهر وبه رمق من الحياة، فقال له الحسين: رحمك الله يا مسلم، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدّلوا تبديلاً، ثم دنا منه حبيب ابن مظاهر وقال: يعزّ والله عليّ مصرعك يا مسلم أبشر بالجنة، فقال مسلم ـ بصوت ضعيف ـ: بشّرك الله بالخير، فقال حبيب: لو لا أعلم أني في الأثر لأحببت أن توصي إليّ بكل ما أهمّك، فقال مسلم مشيراً الى الحسين : أوصيك بهذا  قاتل دونه حتى تموت.

 فقال حبيب: لأنعمنّك عينا.

ونادى أصحاب عمر بن سعد: قد قتلنا مسلم بن عوسجة، فصاحت جارية له وا سيّداه، يابن عوسجتاه.

فلما سمع ابنه ذلك دخل عند إمّه باكياً.

 فقالت: ما يبكيك؟ قال: أريد الجهاد، فقامت أمّه وشدّت سيفاً في وسطه وقالت: أبرز يا بني فإنك تجد رمحاً مطروحاً بين أطناب المخيّم. فخرج وأراد حمل الرمح فلم يتمكّن، وجعل يسحبه على الأرض سحباً.

 فرأه الحسين فقال: إن هذا الشاب قد قتل أبوه في المعركة وأخاف أمّه تكره برازه.

 فقال الغلام: يا سيدي إنّ أمي ألبستني لامة حربي فبرزَ مرتجزاً:

أميـري حســــين ونعم الأمير                 سـرور فـؤاد البشير النذير

عــــليّ وفـــــاطمـــــة والداه                 فهـل تـعلمون له من نظير

لـــه طـلعة مثل شمس الضحى                لــه غــرّةٌ مــثل بدرٍ منير

فقاتل حتى استشهد فاحتزوا رأسه، ورموا بالرأس نحو معسكر الحسين.

ثم برز وهب بن عبد الله الكلبي، وكان نصرانياً ومعه أمه وزوجته فأسلموا على يد الحسين في أثناء الطريق ورافقوه إلى كربلاء، فأقبلت أمه وقالت: يا بني قٌم وانصُر ابن بنت رسول الله.

فقالت امرأته: بالله عليك لا تفجعني في نفسك،الا انه نزل ارض المعركة فلم يزل يقاتل حتى قتل تسعة عشر فارساً وعشرين راجلاً، ثم قطعت أصابع يده، وأخذت امرأته عموداً وأقبلت نحوه وهي تقول: فداك أبي وأمي  قاتل دون الطيّبين حرم رسول الله، فاقبل كي يردّها إلا انها قالت: لن أعود أو أموت معك، فأمرها الحسين بالعودة لمعسكر النساء فانصرفت، وقتل وهب ورموا برأسه إلى عسكر الحسين، فأخذت أمّه الرأس فقبّلته وجعلت تمسح الدم من وجهه ، ثم رمت بالرأس وأخذت عمود الخيمة فقال لها الحسين: ارجعي يا أم وهب أنت وابنك مع رسول الله . فرجعت امرأته وأخذت تمسح الدم والتراب عن وجهه وهي تقول: هنيئاً لك الجنّة.

فرأها شمرٌ فأمر غلامه فضربها بعمود فقتلها، وهي أول امرأة استشهدت في معسكر الحسين.

ولم يزالوا كذلك حتى دخل وقت الظهر، فجاء أبو تمامة الصيداوي وقال: يا أبا عبد الله أنفسنا لنفسك الفداء، هؤلاء اقتربوا منك، لا والله لا تقتل حتى أقتل دونك... وأحبّ أن ألقى الله عزّ وجلّ وقد صلّيت هذه الصلاة معك.

فقال الحسين لزهير بن القين وسعيد بن عبد الله: تقدّما أمامي حتى أصلّي الظهر. فتقدّما أمامه في نحو نصفٍ من أصحابه حتى صلّى بهم صلاة الخوف.

وخرج حبيب بن مظاهر وودع الحسين وجعل يقاتل وهو يقول:

أنا حبيـــــــب وأبـــــي مــظاهر         فـــــارس هيجاء وحرب تسعر

أنــــــتم عـــــدّ عــــــــدّة وأكثر         ونحـــــــن أوفــى منكم وأصبر

وأنـــــــتم عــــــند الوفاء أغدر         ونحــــــن أعـــلى حجّة وأظهر

فقتل اثنين وستين فارساً حتى استشهد فبدا الانكسار في وجه الحسين وقال: لله درّك يا حبيب لقد كنت فاضلً تختم القرآن في ليلة واحدة.

وتقدّم زهير بن القين وقاتل قتالاً لم ير مثله، ثم رجع ووقف أمام الحسين حتى قتل مائة وعشرين رجلاً حتى استشهد ، ووقف عليه الحسين وقال: لا يبعدك الله يا زهير، ولعن قتلك لعن الذين مسخوا قردة وخنازير.

وتقدم شوذب مولى آل شاكر واستأذن وقاتل وقتل.

وتقدّم عابس بن شبيب الشاكري إلى الحسين سلّم عليه ومما قاله: السلام عليك يا أبا عبد الله، إشهد أني على هداك وهدى أبيك، ثم مشى بالسيف مصلتاً نحو القوم.

فصاح رجل من أهل الكوفة: هذا أسد الأسود هذا ابن شبيب. فأخذ عابس ينادي: إلا رجل ألا رجل؟ فلم يتقدّم إليه أحد، فنادى عمر بن سعد:

إرضخوه بالحجارة، فرمي بالحجارة من كلّ جانب، فلما رأى ذلك ألقى درعه ومغفره خلفه، ثم شدّ على الناس.

قال الراوي: فوالله لقد رأيته يطرد أكثر من مائتين من الناس، حتى اثخنه بالجرح ضرباً وطعناً ورمياً وقتلوه رضوان الله عليه.

وأقبل جون مولى أبي ذر الغفاري يستأذن في القتال، فقل الحسين: يا جون أنت في إذن مني فإنما تبعتنا طلباً للعافية، فلا تبتل بطريقنا، فقال جون: يابن رسول الله أنا في الرخاء الحسُ قِصاعَكم وفي الشدّة أخذلكم؟! والله إنّ ريحي لنتن، وإن حسبي للئيم، وإن لوني لأسود، فتنفّس عليّ بالجنة فتطيب ريحي ويشرف حسبي ويبيّض وجهي، لا والله لا أفارقكم حتى يختلط هذا الدم الأسود مع دماءكم.

فأذن له الحسين فبرز حتى قتل خمساً وعشرين رجلاً حتى استشهد ، فوقف عليه الحسين وقال: اللهم بّيض وجهه وطيّب ريحه، واحشره مع الأبرار، وعرّف بينه وبين محمد وآل محمد.

وخرج غلام تركي فقتل جماعة ثم سقط فجاءه الحسين وبه رمق يومي إلى الحسين، فبكى الحسين وبه رمق يومي إلى الحسين، فبكى الحسين واعتنقه ووضع خدّه على خدّه، ففتح الغلام عينيه وتبسّم وفاضت نفسه.

ثم برز عمرو بن خالد الصيداوي فقاتل حتى استشهد، وبرز ابنه خالد مرتجزاً فقاتل حتى استشهد.

ثم جاء حنظلة بن اسعد الشبامي فوقف بين يدي الحسين يقيه السهام والرماح بوجهه ونحره.

فقال له الحسين: يابن أسعد إنهم استوجبوا العذاب حين ردوا عليك ما دعوتهم إليه من الحق. فقال: صدقت جعلت فداك أفلا نروح إلى الآخرة ونلتحق بإخواننا؟

فقال له الحسين: بلى، رح إلى ما هو خير لك من الدنيا وما فيها وإلى ملك لا يبلى، فقال: السلام عليك يا أبا عبد الله، صلى الله عليك وعلى أهل بيتك، عرّف الله بيننا وبينك في الجنّة، فقال الحسين: آمين آمين. فاستقدم وقاتل قتالا شديداً حتى استشهد.

ثم برز سعد بن حنظلة التميمي، وقاتل قتال الأسد الباسل، وبالغ في الصبر على الخطب النازل، حتى سقط صريعاً بين القتلى وقد اثخن بالجراح، فلم يزل كذلك وليس به حراك حتى سمعهم يقولون: قتل الحسين فتحامل، وأخرج سكّيناً من خُفّه وجعل يقاتلهم بها حتى استشهد.

وخرج عمرو بن قرظة الأنصاري فاستأذن الحسين فأذن له، فقاتل قتال الأسد الباسل، وكان لايأتي إلى الحسين سهم إلا اتقّاه بيده، ولا سيف إلا تلقّاه بمهجته، فلم يكن يصل إلى الحسين سوء حتى اثخن بالجراح. فالتفت إلى الحسين وقال: يابن رسول الله أوفيت؟ فقال الحسين: نعم، أنت أمامي في الجنة، فاقرأ رسول الله عني السلام وأعلمه أني في الأثر.

وبرز جابر بن عروة الغفاري، وكان شيخاً كبيراً قد شهد مع رسول الله صلّى الله عليه وآله بدراً وحنيناً، فجعل يشدّ وسطه بعمامة، ثم شدّ جبينه بعصابة ثم رفعهما عن عينيه والحسين ينظر إليه ويقولك شكر الله سعيك يا شيخ، فبرز وقاتل حتى قتل ثمانين رجلاً، ثم استشهد.

وبرز عبد الله الغفاري وعبد الرحمن الغفاري وقاتلا حتى نالا الشهادة.

استشهاد بني هاشم

وبعد ما قتل أصحاب الحسين رضوان الله عليهم فعند ذلك وصلت النوبة إلى بني هاشم، وأول من قتل منهم شهيداً علي بن الحسين الأكبر، وأمه ليلى، وكان أشبه الناس خلقاً وخُلقاً ومنطقاً برسول الله ، فاستأذن أباه في القتال، فأذن له،فحمل علي الأكبر على القوم وهو يقول:

أنــا عــلي بن الحسين بـن علي          نحـــن وبيــت الله أولى بالنبــــي

أطعنـكــم بــالرمح حــتى يثنـي           أضربــكم بالسيف أحمي عن أبي

ضـرب غــلام هـــاشمي علويّ           والله لا يحــــــكم فــينا ابن الدعي

فشدّ على الناس وقتل منهم خلقاً كثيراً حتى ضجّ الناس من كثرة من قتل، فروي أنه قتل مائة وعشرين رجلاً، فرجع إلى أبيه وقد أصابته جراحات كثيرة وهو يقول: يا أبة العطش قد قتلني وثقل الحديد قد أجهدني، فهل إلى شربة من الماء سبيل أتقوّى بها على الأعداء.

فبكى الحسين وقال: واغوثاه يا بني، يعزّ على محمد المصطفى وعلى علي المرتضى وعليّ أن تدعوهم فلا يجيبوك وتستغيث بهم فلا يغيثوك، يا بني قاتل قليلاً، فما أسرع أن تلقى جدك محمداً صلّى الله عليه وآله ..... فرجع ولم يزل يقاتل حتى قتل تمام المائتين، فضربه مرّة بن منقذ العبدي ضربةً صرعته، وضربه الناس بأسيافهم فاعتنق فرسه فاحتمله الفرس إلى معسكر الأعداء فقطّعوه بسيوفهم إرباً إرباً، فلما بلغت روحه التراقي نادى رافعاً صوته: أبه هذا جدّي رسول الله قد سقاني بكأسه الأوفى شربةً لا أظمأ بعدها أبداً.

 ثم يقول: العجل العجل فإن لك كأساً مذخورة تشربها الساعة.

فجاء القاسم بن الحسن وهو غلام لم يبلغ الحلم وكان وجهه كفلقة قمر فقال: يا عم الإجازة لأمضي إلى هؤلاء الكفرة؟ فقل له الحسين: يابن أخي أنت من أخي علامة وأريد أن تبقى لي لأتسلّى بك، فلم يزل القاسم يقبّل يديه ورجليه حتى أذن له،

فأركبه الحسين على فرسه فخرج القاسم ودموعه تسيل على خديه وهو يقول:

إن تنـــكروني فأنا نجل الحسن           سبـط النبي المصطفى المؤتمن

هذا حــــسين كالأسير المرتهن          بين أناس لا سقوا صوب المزن

، فقاتل قتالاً شديداً حتى قتل على صغر سنه خمساً وثلاثين رجلاً، فضربه عمرو بن سعد الأزدي على رأسه فوقع الغلام لوجهه ونادى: يا عمّاه أدركني، فلما انجلت الغبرة وإذا بالحسين قائم على رأس الغلام وهو يفحص برجليه فقال الحسين: يعز والله على عمّك أن تدعوه فلا يجيبك أو يجيبك فلا يعينك أو يعينك فلا يغني عنك، بعداً لقومٍ قتلوك ومن خصمهم يوم القيامة جدّك وأبوك، هذا يوم والله كثر واتره وقلّ ناصره.

ثم احتمله على صدره ورجلاه تخطّان في الأرض خطّاً حتى ألقاه بين القتلى من أهل بيته.

ثم برز من بعده أخوه أحمد بن الحسن، وله من العمر ستة عشر سنة فقاتل حتى قتل ثمانين رجلاً، فرجع إلى الحسين وقد غارت عيناه من العطش فنادى: يا عمّاه هل من شربة ماء أبرّد بها كبدي؟

فقال له الحسين: يابن أخي اصبر قليلاً حتى تلقى جدّك رسول الله فيسقيك شربة من الماء لا تظمأ بعدها أبداً.

فرجع إلى القوم وحمل عليهم وقتل منهم ستين فارساً حتى قتل. وبرز أخوه أبو بكر بن الحسن وهو يقول:

إن تــــــنكروني فــــــأنا ابن حيدرة         ضرغـــــــام آجــــامٍ وليث قسورة

عــــلى الأعادي مثل ريح صرصرة         أكيلكم بالسيـــــف كـــــيل السندرة

فقاتل حتى استشهد.

فعند ذلك خرج أولاد أمير المؤمنين عليه السلام وأول من خرج منهم أبو بكر بن أمير المؤمنين فقاتل حتى نال الشهادة.

وبرز عون بن أمير المؤمنين فقتل منهم مقتلة عظيمة، حتى رُمي بسهم فنال الشهادة.

 ثم قام العباس بن أمير المؤمنين عليهما السلام وخاطب اخوته : يا بني أمي ( ام البنين) تقدّموا حتى أراكم قد نصحتم لله ولرسوله فإنه لا ولد لكم تقدّموا ـ بنفسي أنتم ـ فحاموا عن سيدكم حتى تموتوا دونه.

فبرز عبد الله بن أمير المؤمنين وعمره خمس وعشرون سنة، فقتل أبطالاً ونكّس فرساناً، فقتله هاني بن ثبيت الحضرمي.

ثم برز جعفر بن أمير المؤمنين فقاتل وقتل جمعاً كثيراً، فقتله هاني بن ثبيت الحضرمي.

فبرز عثمان بن أمير المؤمنين، وعمره إحدى وعشرون سنة فقاتل حتى نال الشهادة.

فبقي العباس بن علي عليهما السلام قائماً أمام الحسين يقاتل دونه، وكان العباس بطلاً جسيماً وسيماً، يركب الفرس المطهّم ورجلاه تخطّان على الأرض خطا، ويلقّب بالسقّاء وقمر بني هاشم.

فجاء نحو أخيه الحسين فقال: يا أخاه هل من رخصة؟ فبكى الحسين حتى ابتلّت لحيته بدموعه فقال: أخي أنت العلامة من عسكري فإذا غدوت يؤول جمعنا إلى الشتات وتنبعث عمارتنا إلى الخراب، فقال العباس: فداك روح أخيك لقد ضاق صدري من الحياة الدنيا وأريد أخذ الثأر من هؤلاء المنافقين.

فقال له الحسين: فاطلب لهؤلاء الأطفال قليلاً من الماء، فبرز العباس فلمّا توسّط الميدان وقف ونادى: يا عمر بن سعد هذا الحسين ابن بنت رسول الله يقول لكم: إنكم قتلتم أصحابه واخوته وبني عمّه وبقي فريداً مع أولاده وعياله وهم عطاشى، قد أحرق الظمأ قلوبهم فاسقوهم شربة من الماء لأن أولاده وأطفاله قد وصلوا إلى الهلاك... إلى آخر كلامه.

فلما سمع أهل الكوفة كلام أبي الفضل فمنهم من سكت ومنهم من جلس يبكي، وخرج شمر وشبث بن ربعي وقالا: يابن أبي تراب قل لأخيك: لو كان كلّ وجه الأرض ماءاً وهو تحت أيدينا ما سقيناكم منه قطرة حتى تدخلوا في بيعة يزيد.

فتبسّم العباس فرجع إلى الحسين وأخبره بمقال القوم، فبكى الحسين حتى بلّ أزياقه من الدموع، فسمع العباس الأطفال وهم ينادون: العطش العطش فركب فرسه وأخذ رمحه والقِربة، وكان عمر بن سعد قد وكّل أربعة آلاف رجلاً على الماء لا يدعون أحداً من أصحاب الحسين يشرب منه.

فحمل عليهم العباس ففرّقهم وكشفهم وقتل منهم ثمانين ، حتى دخل الماء فلما أراد أن يشرب غُرفة من الماء ذكر عطش الحسين وال بيته فرمى الماء وهو يقول:

يا نفس من بعد الحسين هوني         وبعـده لا كــنت أن تكوني

هــــــذا الحسين شارب المنون         وتشربيـن بــارد المعـــين

فملأ القربة وحملها على عاتقه وتوجّه نحو الخيمة فقطعوا عليه الطريق وأحاطوا به من كل جانب، وأخذوه بالنبال حتى صار درعه كجلد القنفذ من كثرة السهام، فكمن له زيد بن ورقاء من وراء نخلة وعاونه حكيم بن طفيل فضربه على يمينه فقطعها، فأخذ السيف بشماله فقـاتل حتى ضعف. فقطعوا شماله فجعل يقول:

فجاء سهم وأصاب القربة وأريق ماؤها، فبقي العباس حائراً ليس له يد فيقاتل ولا ماء فيرجع إلى الخيمة، فضربه رجل بعمود من الحديد فسقط عن فرسه ونادى يا أخي أدرك أخاك...

فوقف عليه الحسين منحنياً وجلس عند رأسه يبكي، ففاضت نفس أبي الفضل فقال الحسين: أخي الآن انكسر ظهري وقلّت حيلتي وشمت بي عدوي.

ثم قام ورجع إلى الخيمة فاستقبلته ابنته سكينة، وقالت: أبتاه هل لك علم بعمّي العباس، فبكى الحسين وقال: يا بنتاه إن عمّك قتل.

وخرج محمد بن عبد الله بن جعفر، وامه زينب الكبرى بنت أمير المؤمنين فقاتل حتى نال الشهادة.

ثم برز أخوه عون بن عبد الله بن جعفر، وأمه أيضاً زينب الكبرى فقتل جمعاً كثيراً حتى نال الشهادة.

وبرز أخوهما عبيد الله فقاتل حتى قتل.

وبرز غلام من أخبية الحسين، وفي أذنيه درّتان وهو مذعور فجعل يلتفت يميناً وشمالاً، وقرطاه يتذبذبان فحمل عليه هاني بن ثبيت الحضرمي فضربه بالسيف فقتله، فصارت أمه تنظر إليه ولا تتكلّم كالمدهوشة.

ثم نادى الحسين: هل من ذائب يذبّ عن حرم رسول الله؟ هل من موحّدٍ يخاف الله فينا؟ هل من مغيث يرجو الله في إغاثتنا؟

فارتفعت أصوات النساء بالبكاء والعويل، فتقدّم إلى باب الخيمة وقال لزينب: ناوليني ولدي الرضيع لأودّعه:

فنادى يا قوم قتلتم أنصاري وأولادي، وما بقي غير هذا الطفل، إن لم ترحموني فارحموا هذا الطفل، لقد جفّ اللبن في صدر أمّه.

فرماه حرملة بسهم فوقع في نحره فذبحه من الوريد إلى الوريد. فوضع الحسين كفّيه تحت نحر الطفل فلمّا امتلأتا دماً رمى به إلى السماء وقال: هوّن عليّ ما نزل بي أنه بعين الله، اللهم لا يكونن طفلي هذا أهون عليك من فصيل ثم عاد بالطفل مذبوحاً وحفر له بجفن سيفه ودفنه.

 وفي الظهر ولد للحسين ابن، فأتي به إلى الحسين وهو قاعد بباب الخيمة فأخذه في حجره فاذّن في أذنه اليمنى وأقام في اليسرى، فرماه لعين فذبحه في حجر الحسين .

 استشهاد الإمام الحسين عليه السلام

بعد ان استشهد جميع أصحاب الحسين دعى ببردة رسول الله فالتحف بها فأفرغ عليها درعه، وتقلّد سيفه واستوى على متن جواده، ثم توجّه نحو القوم وقال: ويلكم علام تقاتلونني؟ على حقٍّ تركته؟ أم على شريعة بدلتها؟ أم على سنة غيرتها؟ فقالوا: نقاتلك بغضاً منا لأبيك وما فعل بأشياخنا يوم بدر وحنين. فلما سمع كلامهم بكى، وجعل يحمل عليهم وجعلوا ينهزمون من بين يديه كأنهم الجراد المنتشر، ثم رجع إلى مركزه وهو يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

فصاح عمر بن سعد: الويل لكم  أتدرون لمن تقاتلون؟ هذا ابن الأنزع البطين هذا ابن قتال العرب، احملوا عليه من كل جانب. فحملوا عليه فحمل عليهم كالليث المغضب، فجعل لا يلحق منهم أحداً إلا بعجهُ بالسيف فقتله، حتى قتل منهم مقتلة عظيمة، وفي خبر أنه قتل ألفاً وتسعمائة وخمسين رجلاً، فحالوا بينه وبين رحله، فصاح: ويحكم يا شيعة آل أبي سفيان إن لم يكن لكم دين وكنتم لا تخافون المعاد، فكونوا أحراراً في دنياكم، وارجعوا إلى أحسابكم إن كنتم عربا.

فناداه شمر: ما تقول يابن فاطمة؟

قال أقولك أنا الذي أقاتلكم وأنتم تقاتلونني، والنساء ليس عليهن جناح، فامنعوا عتاتكم وجهّالكم عن التعرّض لحرمي ما دمت حيّا.

فصاح شمر بأصحابه: تنحّوا عن حرم الرجل واقصدوه بنفسه، فلعمري هو كفو كريم، فتراجع القوم.

ثم نادى برفيع صوته: هل من ناصر ينصرني، هل من معين يعينني؟ فخرج زين العابدين وهو مريض لا يتمكّن أن يحمل سيفه، وأمّ كلثوم تنادي خلفه ارجع.

فقال: يا عمّتاه ذريني أقاتل بين يدي ابن رسول الله، فقال الحسين: خذيه، لئلا تبقى الأرض خالية من نسل آل محمد.

ثم ذهب الحسين إلى خيام الطاهرات من آل رسول الله، ونادى: يا سكينة ويا فاطمة ويا زينب ويا أم كلثوم: عليكنّ مني السلام فهذا آخر الاجتماع، وقد قرب منكنّ الافتجاع.

فعلتْ أصواتهن بالبكاء وصحْن: الوداع الوداع، الفراق الفراق.

ثم أمرهن بلبس أزرهن ومقانعهن، فسألته زينب عن ذلك، فقال: كأنّي أراكم عن قريب كالإماء والعبيد يسوقونكم أمام الركاب، ويسومونكم سوء العذاب، ثم قال الحسين: أخيّة إيتيني بثوب عتيق لا يرغب فيه أحد، أجعله تحت ثيابي لئلا أجرّد بعد قتلي، فإني مقتول مسلوب، فارتفعت أصواتهنّ بالبكاء، فأتي بتبّان، وهو ثوب قصير ضيّق، فقال: لا، ذاك لباس من ضربت عليه الذلّة، فأخذ ثوباً خَلِقاً فخرقه وجعله تحت ثيابه فلما قتل جرّدوه منه.

ثم نادى الحسين هل من يقدم إليّ جوادي؟ فسمعت زينب فخرجت وأخذت بعنان الجواد وأقبلت إليه وهي تقول: لمن تنادي وقد قرحت فؤادي.

فعاد الحسين إلى القوم فحمل عليهم وكانت الرجال تشدّ عليه فيشدّ عليها، فتنكشف عنه انكشاف المعزى إذا حلّ فيها الذئب، حمل على الميمنة وهو يقول:

المـــــوت خير من ركوب العار         والعــــار أولى من دخول النار

وحمل على الميسرة وهو يقول:

أنـا الحســين بـــــن علي         آليـــــــت أن لا أنــثــني

أحـــمي عـــيالاتُ أبــــي         أمضـي على ديــن النبي

فجعلوا يرشقونه بالسهام والنبال حتى صار درعه كالقنفذ، فوقف ليستريح ساعة وقد ضعف عن القتال فبينما هو واقف إذ أتاه حجرٌ فوقع على جبهته، فاخذ الثوب ليمسح الدم عن عينه فأتاه سهم محدّد مسموم له ثلاث شعب فوقع السهم في صدره على قلبه، فقال الحسين: بسم الله وبالله وفي سبيل الله وعلى ملّة رسول الله، ثم رفع رأسه إلى السماء وقال: الهي إنك تعلم أنّهم يقتلون رجلاً ليس على وجه الأرض ابن نبيّ غيره.

ثم أخذ السهم وأخرجه من قفاه فانبعث الدم كالميزاب، فوضع يده على الجرح فلما امتلأت دماً رمى به إلى السماء، ثم وضع يده على الجرح ثانياً فلما امتلأت لطّخ به رأسه ولحيته وقال هكذا أكون حتى ألقى جدّي رسول الله وأنا مخضوب بدمي أقول: يا رسول الله قتلني فلان وفلان.

فعند ذلك طعنه صالح بن وهب على خاصرته طعنة، فسقط عن فرسه على خده الأيمن وهو يقول: بسم الله وبالله وفي سبيل الله وعلى ملّة رسول الله.

فخرج عبد الله بن الحسن وهو غلامٌ لم يراهق من عند النساء، حتى وقف إلى جنب عمّه الحسين، فلحقته زينب بنت علي فناداها الحسين: احبسيه يا أختي فابى وقال: والله لا أفارق عمي، واهوى أبحر بن كعب إلى الحسين بالسيف فقال له الغلام: ويلك يابن الخبيثة أتقتل عمّي فضربه أبحر بالسيف فأتقاه الغلام بيده وأطنّها الى الجلد فإذا هي معلّقة، ونادى الغلام: يا عمّاه يا أبتاه فأخذه الحسين فضمّه إليه وقال: يابن أخي صبراً على ما نزل بك واحتسب في ذلك الأجر فإن الله يلحقك بآبائك الصالحين فرماه حرملة بسهم فذبحه في حجر عمّه الحسين.

ثم صاح عمر بن سعد بأصحابه: ويلكم إنزلوا وحزّوا رأسه، وقال لرجل: ويلك إنزل إلى الحسين وأرحه. فأقبل عمرو بن الحجاج ليقتل الحسين فلمّا دنى ونظر إلى عينيه ولّى راجعاً مدبراً، فسألوه عن رجوعه؟ قال: نظرتُ إلى عينيه كأنهما عينا رسول الله. واقبل شبثُ بن ربعي فارتعدت يده ورمى السيف هارباً، فعند ذلك أقبل شمرٌ وجلس على صدر الحسين وحز رأسه الطاهر.

فأتت العقلية زينب الكبرى عليها السلام  إلى الميدان حتّى وقفت على جسد أخيها الحسين عليه السلام  ، ثمّ قالت : ( اللهم تقبّل منّا هذا القربان ) .

سيد شباب اهل الجنة في الحديث والأثر

عن الحسين بن علي عليهما السلام قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعنده أُبيّ بن كعب. فقال لي رسول الله: مرحباً بك يا أبا عبد الله، يا زين السماوات والأرض. قال أُبيّ: وكيف يكون يا رسول الله زين السماوات والأرض أحد غيرك؟ قال: يا أُبيّ والذي بعثني بالحق نبيّاً، إن الحسين بن علي في السماء أكبر منه في الأرض، وإنه المكتوب على يمين العرش، أنه مصباح هدى وسفينة نجاة، وإمام غير وهن، وعز وفخر، وعلم وذخر. وإن الله عزّ وجلّ ركّب في صلبه نطفة مباركة طيبة زكيّة، خُلقت من قبل ان يكون مـخلوق في الأرحام، ما يدعو بهنَّ مـخلوق إلاّ حشره الله عزّ وجلّ معه، وكان شفيعه في آخرته، وفرّج الله عنه كربه، وقضى بها دينه، ويسَّر أمره، وأوضح سبيله، وقوّاه على عدوّه، ولم يهتك ستره.

عن أنس بن مالك قال: كتب النبي صلى الله عليه وآله وسلم لرجل عهداً، فدخل الرجل يسلِّم على النبي وهو يصلّي، فرأى الحسن والحسين يركبان على عنقه مرَّة ويركبان على ظهره مرَّة ويمران بين يديه ومن خلفه. فلما فرغ صلى الله عليه وآله وسلم من الصلاة قال له الرجل: ما يقطعان الصلاة؟ فغضب النبي  وقال: ناوِلْني عَهْدَك فأخذه ومزَّقه، ثم قال:  صلى الله عليه وآله وسلم: من لم يرحم صغيرنا، ولم يُوَقِّر كبيرنا، فليس منّا ولا أنا منه.

عن مدرك بن زياد قال: كنت مع ابن عباس في حائطٍ، فجاء الحسن والحسين فسألا الطعام، فأكلا ثم قاما، فأمسك لهما ابن عباس الركاب، فقلت: أتمسك الركاب لهذين وأنت أكبر منهما؟ فقال: ويحك هذان ابنا رسول الله  أوَليس هذا مما أنعم الله عليَّ به أن أمسك لهما وأسوّي عليهما.

وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: إن الحسن والحسين ريحانتاي من الدنيا.

وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: خيرُ رجالكم علي بن أبي طالب، وخيرُ شبابكم الحَسَن والحُسَيْن، وخير نسائكم فاطمة بنت مـحمد.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

ـ حسين مني وأنا من حسين أحبّ الله من أحبّ حسيناً.

ـ إنّ لكلّ نبيّ أب عصبة ينتمون إليها، إلاّ ولد فاطمة فأنا وليُّهم، وأنا عصبتُهم، وهم عترتي، خُلِقوا من طينتي، ـ أنا شجرة، وفاطمة حملها، وعلي لقاحها، والحسن والحسين ثمرتها، والمحبّون أهل البيت ورقها من الجنّة حقّاً حقّاً.

ـ إن الله تعالى اصطفى العرب من جميع الناس، واصطفى قريشاً من العرب، واصطفى بني هاشم من قريش، واصطفاني من قريش، واختارني في نفر من أهل بيتي عليّ وحمزة وجعفر والحسن والحسين.

عن ابن مسعود قال: بينما نحن جلوس عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذ دخل عليه فتية من قريش، فتغيرّ لونه، ورئي في وجهه كآبة، فقلنا: يا رسول الله، لا نزال نرى في وجهك شيئاً نكرهه، فقال صلى الله عليه وآله وسلم : إنّا أهل بيت اختار الله تعالى لنا الآخرة على الدنيا، وإن أهل بيتي سيلقون بعدي تطريداً وتشريداً.

ـ إنّما مثلُ أهلِ بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من رَكبها نجا، ومن تخلّف عنها هلك.

ـ الحسن والحسين ابناي، من أحبّهما أحبّني، ومن أحبّني أحبّه الله، ومن أحبه أدخله الجنة، ومن أبغضهما أبغضني، ومن أبغضني أبغضه الله، ومن أبغضه الله أدخله النار.

عن عائشة (رض) قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جائعاً لا يقدر على ما يأكل. فقال لي هات ردائي فقلت: أين تريد؟ قال: إلى فاطمة ابنتي فأنظر إلى الحسن والحسين فيذهب ما بي من جوع فخرج، حتى دخل على فاطمة، فقال: يا فاطمة أين ابناي؟ فقالت:يا رسول الله، خرجا من الجوع وهما يبكيان فخرج النبي في طلبهما، فرأى أبا الدرداء فقال: يا عويمر، هل رأيت ابني قال: نعم يا رسول الله، هما نائمان تحت ظِلّ حائط بني جدعان. فانطلق النبي فضمّهما وهما يبكيان وهو يمسح الدموع عنهما، فقال له أبو الدرداء: دعني أحملهما. فقال: يا أبا الدرداء، دعني امسح الدموع عنهما، فو الذي بعثني نبيّاً لو قطرت قطرة في الأرض لبقيت المجاعة في أُمّتي إلى يوم القيامة.

ثم حملهما وهما يبكيان وهو يبكي، فجاء جبرئيل فقال: السلام عليك يا مـحمد، ربّ العزّة يقرئك السلام ويقول: ما هذا الجزع؟ فقال: يا جبرئيل ما أبكي من جزع، بل أبكي من ذلّ الدنيا.

فقال جبرئيل: إن الله تعالى يقول: أيسرّك أن أُحوّل لك أُحداً ذهباً، ولا ينقص لك ممّا عندي شيء؟ قال: لا قال: لِمَ؟ قال: لأنّ الله لم يحبّ الدنيا، ولو أحبّها لما جعل للكافر أكلة فقال جبرئيل: يا مـحمد ادعُ بالجفنة المنكوسة التي في ناحية البيت، فدعا بها، فلما حملت إذا فيها ثريد ولحم كثير، فقال: كل يا مـحمد وأطعم ابنيك وأهل بيتك. قالت: فأكلوا وشبعوا....

عن ابن سُحَيم عن أبيه قال: سمعت أنس بن الحارث يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: إن ابني هذا (  يعني الحسين ) يقتل بأرض يقال لها كربلاء، فمن شهد ذلك منكم فلينصره.

قال: فخرج أنس بن الحارث إلى كربلاء، فقُتل مع الحسين عليه السلام.

عن أُمّ الفضل قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والحسين في حجره: إنّ جبريل أخبرني أنّ أُمّتي تقتل الحسين.

وكان أوّل صارخة صرخت في المدينة أُمّ سلمة، زوج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان دفع إليها قارورة فيها تربة؛ وقال لها: إنّ جبرائيل أعلمني أنّ أُمّتي تقتل الحسين. وأعطاني هذه التربة وقال لي: إذا صارت دماً عبيطاً فاعلمي أنّ الحسين قد قتل وكانت عندها. فلّما حضر ذلك الوقت، جعلت تنظر إلى القارورة في كلّ ساعة، فلمّا رأتها قد صارت دماً صاحت: واحسيناه وابن رسول الله؛ فتصارخن النساء من كلّ ناحية، حتى ارتفعت المدينة بالرجّة التي ما سمع بمثلها قطّ.

عن ابن سيرين قال: لم تبك السماء على أحد بعد يحيى بن زكريا إلاّ على الحسين بن علي .

عن عليّ بن الحسين زين العابدين عليه السلام  أنّه قال: لمّا أُتي برأس الحسين إلى يزيد كان يتّخذ مـجالس الشرب، ويأتي برأس الحسين فيضعه بين يديه ويشرب عليه، فحضر ذات يوم أحد مـجالسه رسول ملك الروم، وكان من أشراف الروم وعظمائها فقال: يا ملك العرب رأس من هذا؟ فقال له يزيد: مالك ولهذا الرأس؟ قال: إني إذا رجعت إلى ملكنا يسألني عن كل شيء رأيته، فأحببت أن أخبره بقصة هذا الرأس وصاحبه، فقال يزيد: رأس الحسين بن علي بن أبي طالب، فقال: ومن أُمّه؟ قال: فاطمة الزهراء. قال: بنت من؟ قال: بنت رسول الله فقال الرسول: أف لك ولدينك، ما دين أخسّ من دينك، اعلم أنّي من أحفاد داود وبيني وبينه آباء كثيرة والنصارى يعظّموني، ويأخذون التراب من تحت قدمي تبركاً؛ لأني من أحفاد داود، وأنتم تقتلون ابن بنت رسول الله وما بينه وبين رسول الله إلاّ أُمّ واحدة، فأي دين هذا؟

ثمّ قال له الرسول: يا يزيد، هل سمعت بحديث كنيسة الحافر؟ فقال يزيد: قل حتى اسمع، فقال: إنّ بين عمان والصين بحراً مسيرته سنة ليس فيه عمران إلاّ بلدة واحدة في وسط الماء طولها ثمانون فرسخاً وعرضها كذلك، وما على وجه الأرض بلدة أكبر منها، ومنها يحمل الكافور والياقوت والعنبر وأشجار العود، وهي في أيدي النصارى لا ملك لأحد فيها من الملوك، وفي تلك البلدة كنائس كثيرة، أعظمها كنيسة الحافر في مـحرابها حقّة من ذهب معلّقة فيها حافر يقولون: إنّه حافر حمار كان يركبه عيسى، وقد زُيّنت حوالي الحقة بالذهب والجواهر والديباج والابرسيم، وفي كل عام يقصدها عالم من النصارى، فيطوفون حول الحقة ويزورونها ويقبّلونها ويرفعون حوائجهم إلى الله ببركتها، هذا شأنهم ودأبهم بحافر حمار يزعمون انه حافر حمار كان يركبه عيسى نبيهم، وأنتم تقتلون ابن بنت نبيكم، لا بارك الله فيكم ولا في دينكم.

فقال يزيد لأصحابه: اقتلوا هذا النصراني، فإنّه يفضحنا إن رجع إلى بلاده، ويشنع علينا، فلما أحسّ النصراني بالقتل قال يا يزيد: أتريد قتلي؟!

قال نعم.

قال: فاعلم أنّي رأيت البارحة نبيكم في منامي وهو يقول لي: يا نصراني أنت من أهل الجنة. فعجبت من كلامه حتى نالني هذا، فأنا أشهد أن لا إله إلاّ الله، وأن مـحمداً عبده ورسوله، ثمّ أخذ الـرأس وضـمّه إليـه، وجـعل يبكي حتى قتل.

 

دعاء

اللهم رب الكون والعزة.. نحن شعب العراق.. قد احتفينا رجالاً ونساءً واطفالاً بذكرى استشهاد ابن بنت نبيك

سيد شباب اهل الجنة

سبط الرسول وريحانته

الحسين بن علي

على جده الرسول وأبيه وأمه البتول وعليه

 وأهل بيته أفضل الصلاة والسلام

ايماناً منا برسالتك العظيمة وحباً بنبيك وآل بيته الاطهار

اللهم فاشهد

اللهم امنحنا من لدنك رحمة ونصراً

االلهم اقهر أعدائنا

اللهم انصر شعباً يحب الله ورسوله وآل بيته.

****************************

المصادر:

1 ـ السيد محمد كاظم القزويني، فاجعة الطف ، الطبعة العاشرة ،سنة الطبع: 1413هـ - 1992م، منشور على الرابط http://www.14masom.com/14masom/05/mktba5/book01/index.htm

2 ـ الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء ،  الارض والتربة الحسينية ، منشور على الرابط:


3ـ سيرة الامام الحسين عليه السلام ، مركز البيت العالمي للمعلومات، على الرابط:


4 ـ الشيخ كمال معاش ، الحسين ريحانة النبي ، بطل الاسلام الخالد ، منشور على الرابط:


5 ـ باقر شريف القرشي ، حياة الامام الحسين بن علي عليهما السلام ، جزئين ، منشور على الرابط:


وانظر: انظر: الاستاذ عبد الهادي مسعود ، علي (ع) ومناوئوه ، القسم الاول ، ص 39 وما بعدها ،منشور على الرابط : http://www.14masom.net/14masom/03/mktba3/book19/03.htm#6

6ـ انظر: انظر: الاستاذ عبد الهادي مسعود ، علي (ع) ومناوئوه ، القسم الاول ، ص87 وما بعدها ،منشور على الرابط : http://www.14masom.net/14masom/03/mktba3/book19/05.htm#9

7ـ انظر: انظر: الاستاذ عبد الهادي مسعود ، علي (ع) ومناوئوه ، القسم الاول ، ص130  وما بعدها ،منشور على الرابط http://www.14masom.net/14masom/03/mktba3/book19/07.htm#10

8ـ انظر: اية الله السيد محمد تقي المدرسي ، الامام علي عليه السلام قدوة وأسوة ،الفصل السادس منشور على الرابط: http://www.14masom.net/14masom/03/mktba3/book18/6.htm

9ـالمناقب لابن المغازلي 243 - تاريخ بغداد للخطيب البغدادي 4/410 - الجامع للسيوط 2/145 - ينابيع المودة.

10ـ مستدرك الصحيحين للحاكم النيسابوري 2/385 - سنن البيهقي 3/376 - ابن المغازلي 197 -الطبري 2/514 الرياض النضرة 2/190 .)

11 ـ كنز العمال6/122 - الطبري 2/201 - الخوارزمي 250 - الفضائل لاحمد 253 - ابن المغازلي 42/200 .

12ـ مسند أحمد 5/94 - مستدرك الصحيحين للحاكم النيسابوري 3/128 - كنز العمال 6/217 – الطبراني.
13ـ الترمذي 13/178 - ابن المغازلي 122 - اسد الغابة 4/26 - الرياض النضرة 2/216 .

14 ـ مناقب الامام علي بن ابي طالب (ع) لابن المغزلي الشافعي ).

15 ـ مستدرك الصحيحين للحاكم النيسابوري 3/109 - مسند احمد 4/368 ، 5/419 - الخصائص للنسائي9 .

16 - ابن المغازلي 16 - المناقب لاخطب خوارزم 94 - تاريخ بغداد للخطيب البغدادي 8/290 - ينابيع المودة .

17ـ مستدرك الصحيحين للحاكم النيسابوري 2/241 - تاريخ بغداد للخطيب البغدادي 6/85 - اخطب خوارزم 86 - ابن المغازلي 90 .)

18 ـ  مستدرك الصحيحين للحاكم النيسابوري 3/129 - كنز العمال 6/157 – الديلمي.

19 ـ حلية الاولياء 1/34 - الرياض النضرة 2/177 - ابن المغازلي 242 - الخوارزمي 42 - ينابيع المودة 112 )

ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ

 

فارس حامد عبد الكريم العجرش

ماجستير في القانون

نائب رئيس هيئة النزاهة سابقاً

باحث في فلسفة القانون

والثقافة  العامة

موقعنا : الثقافة القانونية للجميع:

http://farisalajrish.maktoobblog.com/

farisalajrish@yahoo.com

 

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق