العراق باق رغم تعاقب الحكومات


العراق باق رغم تعاقب الحكومات 
 

فارس حامد عبد الكريم

وردتني الرسالة الآتية من (سياسي عراقي):

الأستاذ فارس العجرش المحترم

لقد سمعت تصريحاتكم قبل أشهر في قناة العراقية عندما كنت في منصبك وكنت اقرب ما يكون ان تنفي وجود فساد في العراق وتقول ان تقارير الفساد حول العراق مفتعلة ولها أساس سياسي يستهدف الحكومة من جهات تعارض العملية السياسية
اريد ان اعرف رايكم بعد ان أحلت على التقاعد سوف أعرفكم بنفسي بعد ان اسمع إجابتكم حول هذا التصريح الذي اعتبره تقربا من السلطة الحاكمة وحفاظا على المنصب .

شكرا وأسف على صراحتي

(سياسي عراقي)

******

الأخ العزيز ( سياسي عراقي )

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اما بعد ... فاني اشكر لك صراحتك من جانب وحسن ثقتك من جانب أخر ، ان تصريحاتي عن إشكالية الفساد في العراق تمحورت حول محورين، سواء في قناة العراقية او غيرها لاني لا أتذكر التصريح بالذات  لكني لا انسى رأيي فيما يتعلق بالفساد في العراق وحجمه:

1ـ ان تقارير الشفافية الدولية مبالغ فيها،وكوني متابع وقارئ وباحث واقضي جل وقتي في هذا المجال، فاني أؤكد هذه الحقيقة.

وقد ورد اعتراضي على الدرجة التي وضع عندها مركز العراق بالنسبة للفساد العالمي، فهناك العديد من الدول وخاصة بعض الدول الأفريقية والأسيوية وبعض دول أمريكا الجنوبية  يكاد يكون الفساد جزءاً من مصدر إيراداتها الرسمية حيث تمارس تجارة الأسلحة الممنوعة والأدوية الفاسدة والبضائع المزورة وتجارة الرقيق الأبيض وتجارة الأطفال وتجارة المخدرات على نطاق واسع وبحماية من الجهات الرسمية، فضلاً عن جرائم الفساد التقليدية الأخرى كالرشوة والاختلاس واستغلال المنصب الوظيفي.

ومع ذلك ،وبسبب الإجراءات الأمنية المشددة في تلك الدول حول انتقال المعلومات وتداولها، فإننا نراها في التقارير الدولية في مركز دولة نزيهة أو شبه نزيهة بسبب قلة المعلومات،

ومع ذلك تشير العديد من التقارير الدولية إلى الأموال الضخمة المهربة من رؤساء ومسئولين كبار في تلك الدول.

اما في العراق فلا يوجد النوع الاول من الفساد في القطاع العام ولم ترد بِشأنه أية تقارير.

 اما النوع الثاني من الفساد فموجود عند مستويات مختلفة ولا يمكن لأي شخص مؤتمن على مصلحة العراق والعراقيين ان ينكره أو يغفله ولابد من وضع الخطط الملائمة لتحجيمه وخاصة في مجال الإجراءات الوقائية.

كما لا توجد تقارير دولية لحد الآن بشأن أملاك المسؤولين العراقيين في الخارج. ولكن الرواتب الضخمة تتيح طبعاً شراء فلل أو شقق في بعض الدول الأجنبية،  ومن الناحية القانونية لا نستطيع ان نؤكد ان مصدرها غير مشروع مادام لا يوجد دليل قاطع بشأن ذلك وهذا من مقتضيات العدل القانوني وقواعد طرق الإثبات، وطبيعي ان نظام كشف المصالح المالية كفيل ببيان الحقائق حول هذا الموضوع .


2 ـ خلال حضوري عدد من المؤتمرات تبين لي بوضوح تام لا يقبل الشك ان هناك أطرافا تسعى بكل مثابرة وجد لإدراج العراق ضمن أكثر دول العالم فساداً ويشارك في هذه المهمة منظمات إقليمية يقودها فلسطينين واردنيين وسودانيين يعاونهم بعض المتضررين من العراقيين المقيمين في دول الجوار.

فأثناء حضوري مؤتمر الشفافية الدولية المنعقد في اليونان عقدت عشرات اللقاءات مع جهات دولية رسمية وغير رسمية ( احتفظ بتسجيل فيديو عنها ) من اجل توضيح الصورة الحقيقية للوضع في العراق ودفع الصورة المبالغ فيها، بينما كان هناك أشخاص يراقبون تحركاتنا ويحاولون تخريب عملنا بل نجحوا في منع  احدى اللقاءات المهمة، ومن المعلوم ان الدول ذات الحكم الدكتاتوري ترافق مع وفودها عدد من عناصر المخابرات.

وعلى اية حال فقد حققنا لقاءاً مهماً بعد جهد مع مس لابيل رئيسة المنظمة الدولية للشفافية واستطعنا تغيير قناعاتها ولو جزئياً بعد نقاش طويل استعرضت فيه علينا الأكاذيب التي نقلت اليها من تلك الأوساط  ومنها ان أجهزة الرقابة في العراق تعمل كميليشات وقامت بالاعتداء وتفجير منزل ممثل الشفافية في العراق!!!!!

وقد طلبنا منها ان تلاحظ الانخفاض التدريجي في قضايا الفساد من حيث النوع والكم منذ 2003 ولحد يومنا هذا.

 ولَمحنا إلى ان المنظمة لم تكن تعنى بملاحظة الفساد الكبير على الإنسان والبيئة والثروة الوطنية في زمن النظام السابق ، مثل كوبونات النفط وفضيحة رشاوى موظفي الأمم المتحدة وتجفيف الاهوار وتهريب النفط رسميا بأسعار بخسة .....

كما وطلبت من السيدة لابيل وممثلي المنظمة في الشرق الأوسط ان يدركوا عند تحليل المعلومات الواردة إلى منظمتهم، ان في العراق اليوم ديمقراطية حقيقية وحرية تعبير عن الرأي حتى بدون ضوابط مما يعني إمكانية وصول المعلومات بدون قيود وقد تستغل هذه الحرية لتلفيق تقارير ضد التجربة العراقية بهدف اسقاطها .

ويهمنا كوطنيين نحرص على مصلحة العراق العليا، بغض النظر عن احالتنا على التقاعد، ان لا نعطي فرصة لاعداء شعبنا ان ينالوا من التجربة العراقية التي لا تعني دفاعاً عن الحكومة بل دفاعاً عن العراق وسمعته الدولية، فالعراق باق رغم تعاقب الحكومات.
2009
**********

فارس حامد عبد الكريم العجرش الزبيدي

ماجستير في القانون

نائب رئيس هيئة النزاهة سابقاً                               

باحث في فلسفة القانون                           

والثقافة القانونية العامة

    بغداد ـ العراق     

  
 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق