اساس مقولة ان (القانـون لا يحمي المغفليـن)


اساس مقولة ان (القانـون لا يحمي المغفليـن)

                                            فـارس حامـد عبد الكريـم  

تمهيد: القانون لا يحمي المغفلين، مقولة كثيراً ما تتردد على لسان العديد من المحامين والقضاة ودارسي القانون وعامة الناس، وتفهم هذه المقولة على صور متعددة، وتخلو كتب القانون وفقهه من تفسير لهذه المقولة الشائعة، وهذا البحث الموجز هو محاولة لا ستبيان أساسها الفلسفي وحدود تطبيقاتها القانونية من خلال تحليل الفكرة وإعطائها التكييف الملائم منطقياً وموقف التشريعات المقارنة منها.

المطلب الأول

الفرع الاول

في الأساس الفلسفي

يسود الاعتقاد لدى العديد من الناس، كما ويتمسك بعض ذوي النوايا السيئة، بفكرة مفادها ان ( القانون لا يحمي المغفلين) ، والحال،كما نرى، ان هذه المقولة تستخدم في غير الاغراض التي قيلت او وضعت من اجلها ، فهي فكرة قانونية فلسفية حسب الأصل، مفادها إن الحماية القانونية للمصالح الخاصة ليست مطلقة بل نسبية، فالحماية القانونية انما تبدأ قانونا من مستوى معين من سلوك مفترض للاشخاص لا تنزل دونه، ومن ثم يقع على عاتق الفرد واجب اتخاذ قدر من الحيطة والحذر في تصرفاته القولية والفعلية حتى تصبح الحماية القانونية له ممكنة، وهذه الحيطة قد تكون على شكل اجراءات او شكليات يقع على عاتق الفرد واجب اتباعها حتى يمكن تفعيل الانظمة القانونية التي تحميه، ومن ذلك شرط التسجيل العقاري لانتقال الملكية في العقارات وشرط توثيق الدين بمستند عادي او رسمي للإثبات، فتكون شروط الحماية القانونية هنا توفر هذا السند، فإذا جاء الدائن بعد ذلك مطالبا بحقه امام القضاء، فأن القاضي يطالبه  بابراز سند الملكية او الدين، فأن لم يتوفر هذا وانكر المدين الدين فلا يقضى له بحقه، فالقاضي لا يحكم على مجرد الادعاء وانما على اساس ما يتوفر من بينات وعند عدم توفرها يلجأ القاضي الى ماتقرره نصوص القانون او المباديء القانونية العامة في هذا الصدد ومنها مبدأ ( الاصل براءة الذمة وعدم مشغوليتها بأية ديون اوالتزامات وعلى من يدعي خلاف هذا الاصل ان يقدم البينة عليه ) ولما كان الدائن يدعي خلاف الاصل فعليه عبء اثبات ما يدعيه، فأن عجز عن ذلك  فالقانون لا يتمكن من حمايته لانه لم يتخذ قدرا معقولا من الحيطة اشترطها القانون لحمايته.

وتعبر هذه الفكرة في مضمونها الفلسفي عن الفرق بين الحقيقة القانونية والحقيقة الواقعية الحقة، وقد تتطابق الحقيقة القانونية مع الحقيقة الواقعية وقد لاتتطابق ، والقضاء يحكم بناءا على معطيات الحقيقة القانونية لا الحقيقة الواقعية عند عدم تطابقهما ، ولهذا كان للعدالة ضحايا ، ومن ذلك شهادة الزور، اذ هي تحجب الحقيقة الواقعية الحقة عن نظر القاضي فيحكم بناءا على الحقيقة القانونية التي تجسدت في شهادة الزور فهو يعتمدها مادام ليس هناك سبيل لكشف زورها وبهتانها .(انظر بشأن اثبات الوقائع: د. ادم وهيب النداوي، شرح قانون الاثبات، ص24ـ25 وص 42ـ 46)

وفيما عدا ذلك فأن القانون يحمي المغفلين ومظاهر الضعف الانساني من استغلال المستغلين وكيد الكائدين ونصب المحتالين، ومن تطبيقات ذلك تبني المشرع العراقي في القانون المدني العراقي لنظرية الغلط ونظرية التغرير مع الغبن ونظرية الاستغلال، فضلا عن تبنيه لنظم قانونية متطورة لحماية القاصر والمجنون والمعتوه والسفيه وذو الغفلة ورتب اثارا قانونية عليها تجسدت في اعتبار التصرفات المشوبة بعيب من عيوب الرضا موقوفة على اجازة من تعيبت ارادته او وليه او القيم او الوصي عليه،فضلا عن تبنيه لنظرية البطلان في حالات انعدام الاهلية او محل العقد اوسببه في العقود () ، كما وتبنى المشرع العراقي في قانون العقوبات العقوبة على جريمة الاحتيال وجريمة اصدار شيك بدون رصيد().

الفرع الثاني

تجريد القاعدة القانونية وعموميتها

من جانب أخر يمكن ان نجد تفسيراً منطقياً لهذه المقولة في إحدى خصائص القاعدة القانونية وهي العمومية والتجريد

المطلب الثاني

تطبيقات فقهية وتشريعية في حماية مظاهر الضعف الإنساني

بغية إعطاء صورة واضحة تزيل اللبس عن هذا المفهوم الفلسفي ، نتناول بالبحث بعض مظاهر الحماية القانونية لمظاهر الضعف الانساني وهي نظرية الاستغلال  في القوانين المقارنة والقانون المدني العراقي. ونبحث في هذا المقام بإيجاز في مفهوم الاستغلال ومعياره والغبن ومعياره في ثلاثة فروع.

الفرع الأول

نظرية الاستغلال

نظرية الاستغلال بوجه عام نظام قانوني مؤداه توفير الحماية القانونية في حالة ان يعمد شخص الى ان يفيد من ناحية من نواحي الضعف الانساني يجدها في اخر ، كحاجة ملجئة تتحكم فيه ، او طيش بين يتسم به  سلوكه ، او هوى جامح يتحكم في مشاعره وعواطفه  ، او خشية تأديبية تسيطر عليه ، فيجعله يبرم عقدا ينطوي عند ابرامه على غبن فاحش يتجسد في عدم التناسب بين ما أخذه منه وما اعطاه له ، فيؤدي به الى خسارة مفرطة ، بحيث يمثل عقده هذا اعتداءا على قواعد الاخلاق والائتمان السائدة في المجتمع  ومبدأ حسن النية .

والاستغلال مظهر من مظاهر تطور فكرة الغبن من نظرية مادية الى نظرية نفسية ، فالغبن هو المظهر المادي للاستغلال  .(انظر: د. عبد الفتاح عبد الباقي، نظرية العقد، ، ص386 ـ 387. وكذلك انظر ا.د السنهوري، الوسيط، ص 395ـ396.

والاستغلال كعيب يشوب الرضا،نظام قانوني حديث نسبيا ظهر في العصور الحديثة بتأثير نزعة العدالة من وجه ، والرغبة الصادقة في مكافحة النوايا السيئة،اذ يحارب نظام الاستغلال من ناحية التفاوت الصارخ بين مايأخذه المتعاقد وبين مايعطيه ، ومن ناحية اخرى يحارب استغلال نواحي الضعف الانساني في المتعاقد لان ذلك لايأتلف مع شرف التعامل وحسن النية وقيم المجتمع المتحضر.( انظر: د. عبد الفتاح عبد الباقي، نظرية العقد، ، ص 388)

ويعتبر القانون المدني الالماني الصادر سنة 1866 النافذ في اول يناير سنة 1900 اول من تبنى الاستغلال كعيب مستقل من عيوب الرضا وهو الذي اوحى بفكرته للتشريعات التي تلته ، ونظر المشرع الالماني الى الاستغلال من ناحيته الثانية فرأى فيه مخالفة لحسن الاداب من شأنها ان تدمغ التصرف بالبطلان المطلق ، الا ان السائد في التشريعات الحديثة ان ينظر الى الاستغلال كعيب من عيوب الرضا لايؤدي الى البطلان وانما يتمثل بقابليته للأبطال.

حيث نصت المادة (138) من القانون المدني الألماني على انه (يعتبر باطلاً بنوع خاص كل تصرف قانوني يستغل فيه الشخص حاجة الغير أو طيشه أو عدم خبرته ليحصل لنفسه أو لغيره في نظير شيء يؤديه على منافع مادية تزيد على قيمة هذا الشيء بحيث يتبين من الظروف ان هناك اختلالاً فادحاً في التعادل بين قيمة تلك المنافع وقيمة هذا الشيء)

وتبنى المشرع العراقي نظرية الاستغلال في المادة (125) من القانون المدني العراقي حيث نصت على انه ( إذا كان احد المتعاقدين قد استغلت حاجته او طيشه او هواه او عدم خبرته او ضعف اداركه فلحقه من تعاقده غبن فاحش جاز له في خلال سنة من وقت العقد ان يطلب رفع الغبن عنه الى الحد المعقول ، فاذا كان التصرف الذي صدر منه تبرعا جاز له في هذه المدة ان ينقضه ) .

وقد اقتبس المشرع العراقي احكام هذه المادة من المادة (138) من القانون المدني الالماني والمادة (21) من قانون الالتزام السويسري.(انظر د. عبد المجيد الحكيم، الوجيز، ، ص92.)

الفرع الثاني

معيار الاستغلال والغبن

اولاً: معيار الاستغلال:

 يعمل النظام القانوني للاستغلال على ان يفوت الفرصة على ذوي القصد السيء ممن يتلمسون مظاهر الضعف الانساني بقصد الحصول على مكاسب غير مشروعة ، والحال ان كل مظهر من مظاهر الضعف الانساني من شأنه ان يحقق الاستغلال ، وفي ضوء ذلك فأن بعض التشريعات تضع قاعدة عامة في الاستغلال من  شأنها ان تنطبق على اي مظهر من مظاهر الاستغلال ايا كان نوعه او طبيعته تماشيا مع خصيصة التجريد التي ينبغي ان تكون عليها القاعدة القانونية التي تسمو على التفصيلات والجزئيات  .

الا ان المشرع العراقي لم يضع قاعدة عامة في الاستغلال في المادة (125)  مدني عراقي المشار اليها، وانما اتبع طريقة التعداد على سبيل الحصر لمظاهر الضعف التي يحميها القانون وان توسع فيها قياسا للمشرع المصري الذي قصر محل الاستغلال على الطيش البين والهوى الجامح .

ان طريقة التعداد على سبيل الحصر هذه تجعل من وضع معيار عام محدد لقياس مظاهر الضعف الانساني امرا متعذرا ايضا، ولما كانت الحالات المذكورة هي حالات نفسية ،  وتمثل اعتداءا على اخلاقيات التعامل وحسن النية ، فينبغي على القاضي  اعمال المعيار الذاتي، ويبحث في مدى قيام احد المتعاقدين بأستغلال حاجة المتعاقد الاخر او طيشه او عدم خبرته او ضعف إدراكه، وبحث القاضي ينصب هنا على العناصر النفسية والشخصية لدى المتعاقد الذي لحقه غبن نتيجة الاستغلال، فهي عناصر داخلية لصيقة بذات المتعاقد، يقوم القاضي بأكتشافها في ضوء مقومات المعيار الذاتي المتعلق بحالات الضعف الواردة في المادة (125) من القانون المدني العراقي ، ومراعيا قواعد الاخلاق السائدة في المجتمع .

وينبغي على القاضي ان يتحقق من ان الاستغلال هو الدافع الى التعاقد، بمعنى ان يكون المتعاقد الاخر هو الذي سعى الى حمل الضحية على ارتضاء العقد على نحو ما ارتضاه عليه بحيث انه ماكان ليرتضيه على هذا النحو لولاه ، فلو تبين ان المتعاقد المغبون كان سيتعاقد في كل الاحوال فلايتحقق الاستغلال ولو تحقق الغبن وبوجود مظاهر الضعف بصورها المتعددة ، ذلك ان المشرع العراقي لايعتبر الغبن لوحده عيبا مستقلا ، كما ان وجود الضعف كصفة لصيقة بالشخص لايعني تحقق الاستغلال دائما ، فكثير من الناس تبيع اموالها تحت ضغط الحاجة وكثيرا مايهب المحبين الى اعزائهم اموالا وقد لا يعرف الجديد في مهنته مواقع الاسواق الاكثر مناسبة من حيث السعر والجودة ، والقول بوجود الاستغلال في مثل هذه الحالات فيه تهديد لاستقرار التعامل ، وانما ينبغي ان تتوافرعناصر الاستغلال وهي اختلال التعادل بين ماالتزم به المتعاقد المغبون وبين ما يأخذه في مقابل ذلك اختلالا يؤدي الى الغبن الفاحش وهذا هو العنصر الموضوعي في الاستغلال ، وان يكون استغلال الضعف لدى المتعاقد هو الدافع الى التعاقد ، وهذا هو العنصر النفسي في الاستغلال.( انظر: د. حسن الذنون ، اصول الالتزام، ص97، وكذلك انظر ا.د عبد المجيد الحكيم، نظرية العقد، ص 349ـ 352، وانظر د. نبيل اسماعيل عمر، ، ص249).

ثانياً: معيار الغبن الفاحش

الغبن مشكلة اجتماعية قديمة ولم تهتدي القوانين القديمة والحديثة الى ايجاد معيار موحد ومرض لها، ذلك ان هذه المشكلة الازلية تقوم على اعتبارات اجتماعية وخلقية واقتصادية غير ثابتة وخاضعة لقانون التطور العام للمجتمع.

وقد عالج المشرع العراقي القديم الرائد(1) مشكلة الغبن من خلال اعتماده نظام تسعيرة المواد الغذائية والحاجات التي تهم عموم الناس وتثبيت اجور العمال والعربات والحيوانات في المواد ( 1ـ 11) من قانون اشنونا والمواد من (125 ــ ومابعدها ) من قانون حموراربي ، كما اعتمد قانون حمورابي مفهوم السبب الاجنبي الذي يعفي المدين من تنفيذ التزامه ، فالمادة (48) منه تقرر اعفاء المزارع الذي يهلك زرعه بفعل الفيضان من تقديم حبوب الى دائنه في ذلك العام ويعفى من الفوائد الخاصة بتلك السنة ، ولم تعرف البشرية مثل هذه الاحكام العادلة التي تمنع استغلال مظاهر الضعف الانساني سواء كان مصدرها حالة الشخص ذاته او كان مصدرها الطبيعة ، الا بعد عهود طويلة من الظلم والعدوان الاجتماعي المشرع بقوانين جامدة .(انظر: د. عامر سليمان، القانون في العراق القديم، ص5 ،ص191، ص205، ص210، وانظر قوانين حمورابي/ ترجمة د. محمود الامين،1961، ص13 وما بعدها)

والغبن في القانون الروماني في عهده المدرسي ، يسيراً كان او فاحشاً لايؤثر على صحة العقد الا اذا اقترن بالتدليس او ان العقد صدر من قاصر يقل عمره عن (25) سنة ، ويبررون ذلك بالقول ان على الرجل العاقل المستقيم ان يتحمل نتائج أعماله، وفي عصر مايعرف بالامبراطورية السفلى امكن لبائع العقار ان يطعن بعقد البيع اذا كان الثمن المتعاقد عليه اقل من نصف القيمة الحقيقية للمبيع ، الا انه بحلول العصر العلمي ( 130 ق.م ــ 284م) ظهر مايعرف بمبدأ حسن النية في العقود الذي يقتضي قيام المدين بتنفيذ التزامه بحسن نية اي من دون مكر ومن دون سوء نية ومن دون غش وان يبذل في سبيل تنفيذه عناية الرجل المعتاد.(انظر: عبد الجبار ناجي الملا صالح، مبدأ حسن النية في تنفيذ العقود، رسالة ماجستيرـ جامعة بغداد، ط1، 1974، ص227، وكذلك انظر د. صوفي حسن ابو طالب، مباديء تاريخ القانون، 1960، ص157 وما بعدها) وكذلك انظر مدونة جستنيان في الفقه الروماني، ترجمة عبد العزيز فهمي، 1946، ص375 و ص388 وما بعدها. .(انظر: د. محمد ابراهيم دسوقي، ص 236 وما بعدها ، ص 332 وما بعدها

وفي القرون الوسطى بدأ مبدأ سلطان الارادة بالتنامي الا ان رجال الكنيسة قيدوا هذا المبدأ بالعدالة ومبدأ حماية الضعيف من استغلال القوي فحددوا للسلع اثمانها وللعمل اجره، وهذا ما كانوا يسمونه بالثمن العدل وبالاجر العدل.

انظر: ا.د السنهوري، الوسيط، ص378.

وفي ظل الثورة الفرنسية اطلقت حرية التعاقد وفقا لمبدأ سلطان الارادة ولم تحرم الغبن حتى في بيع العقار بل لم تضع حدا اعلى للفائدة ، وقد تأثر القانون المدني الفرنسي بما جاءت به الثورة الفرنسية فنظر الى الغبن نظرة مادية ليتحقق في حالات محدودة ، فالغبن فيه لايؤثر في صحة العقود الا في حالات استثنائية نص عليها.( انظر ا.د عبد المجيد الحكيم، نظرية العقد،مصدر سابق، ص343ـ344.)  

موقف المشرع العراقي من معيار الغبن : اذا كان المشرع العراقي قد قال بالغبن الفاحش الا انه لم يتبن معيارا معينا لتحديده ، الا في حالة خاصة هي ماذكرته المادة (1077ف2) بشأن قسمة المال الشائع ، وهذا يعني انه ترك تقدير الغبن الفاحش لاجتهاد القضاء ، ولما كانت مباديء الشريعة الاسلامية بمقتضى الفقرة الثانية من المادة الاولى من القانون المدني العراقي احد المصادر التي تستمد منها الاحكام بعد التشريع والعرف ، فيمكن للقاضي ان يعتمد احد المعايير التي تبناها جانب من الفقه الإسلامي.()  انظر ا.د عبد المجيد الحكيم، نظرية العقد،ص357)

موقف الشريعة الاسلامية الغراء من معيار الغبن :

بصورة عامة يقسم فقهاء الشريعة الاسلامية الغبن الى نوعين، يسير وفاحش ، والغبن اليسير هو الذي لايمكن تجنبه في المعاملات ومن المتفق عليه بين الفقهاء ان هذا النوع من الغبن يتسامح فيه ، ولايعطى للمتعاقد المغبون خيار الغبن .

اما الغبن الفاحش فقد اختلف الفقهاء في تحديد مقداره ، وهناك  معياران لتحديده :

ووفقا للمعيار الاول ينظر الى قيمة الشيء وتحدد نسبة بين هذه القيمة وبين الثمن الذي دفعه المتعاقد كحد ثابت للغبن ، فأذا زاد الثمن عن هذا الحد او نقص عنه تحقق الغبن، وقد تراوحت تقديرات الفقهاء في هذا الباب بين الثلث وربع العشر .

اما المعيار الثاني الذي تبناه جانب من فقهاء الشريعة الاسلامية فانه يعرف الغبن الفاحش بانه ( ما لايدخل في تقويم المقومين ) فان  دخل في تقويمهم فهو يسير لا فاحش .

فلو بيعت سلعة بمليون دينار وقومها بعض اهل الخبرة بمايزيد على هذا المبلغ والبعض بما ينقص عنه كان الغبن يسيرا، اما لو اتفقوا جميعا على تقويمها باقل من هذا المبلغ فأن في البيع غبن فاحش بالنسبة الى البائع ، اما اذا اتفقوا جميعا على تقويمها باكثر من هذا المبلغ كان في البيع غبن فاحش بالنسبة الى المشتري .

------------

2007

(1)  ــ تسبق شرائع العراق القديم في ازمان تدوينها اقدم ماعرف من شرائع الحضارات الاخرى بعشرات القرون ، اذ يعتبر قانون ( اور ـ نمو ) العراقي اول قانون مكتشف حتى الان في العالم قاطبة ، اذ يعود تاريخ تدوينه الى فترة حكم الملك (اور ـ نمو) (2113 ـ 2095) ق.م ، بينما لايتعدى تدوين القانون اليوناني القرن السادس قبل الميلاد ، والقانون الروماني المعروف بقانون الالواح الاثني عشر (450) ق.م .

المراجع :

ـ أ.د عبد المجيدالحكيم ، الوسيط في نظرية العقد،1968.

ـ د. عبد الفتاح عبد الباقي ، نظرية العقد  والارادة المنفردة ، مطبعة نهضة مصر، 1984.

ـ قوانين حمورابي ، ترجمة د, محمود الامين ،طبعة سنة  1961 .

ـ د.عامر سليمان، القانون في العراق القديم.

ـ د. صبيح مسكوني ، القانون الروماني ،ط ،1 1968.

     ـ  أ.د. السنهوري ،الوسيط في شرح القانون المدني ، الجزء الاول ، مصادر الالتزام ، الطبعة الثانية 1964.

     ـ القانون المدني العراقي رقم 40 لسنة 1951.

ـــــــــــــــــــ

2007

فارس حامد عبد الكريم العجرش الزبيدي Faris Hamid Abdul Karee AL Ajrish
ماجستير في القانون                                                                                   Master in Law

نائب رئيس هيئة النزاهة سابقاً ـ باحث في فلسفة القانون والثقافة القانونية العامة

    بغداد ـ العراق 

 
 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق